الزهري، وابن المسيب، والنخعي، وأبي قلابة، ربيعة بن أبي عبد الرحمن،
ويحمى بن سعيد الأنصاري، والحسن البصري في رواية، ومجاهد،
ومالك بن اْنس، واستدل على ذلك بقوله- عليه السلام-: " إنما جعل
الإمام ليُؤتم به، فلا تختلفوا علي ". قال ابن بطال: ولا اختلاف أعظم
من اختلاف النيات، ولأنه لو جاز بناء المفترض على صلاة / المتنفل لما [١/ ٤، ٢ - أ] شرعت صلاة الخوف مع كل طائفة بعضها، وارتكاب الأعمال التي لا
تصح الصلاة معها في غير الخوف، لأنه- عليه السلام- كان يمكنه أن
يصلي مع كل طائفة جميع صلاته، وتكون الثانية له نافلةً وللطائفة الثانية
فريضةً.
والجواب عن حديث معاذ- رضي الله عنه- من وجوه، الأول: أن
الاحتجاج به من باب ترك الإنكار من النبي- عليه السلام-، وشرطه:
علمهُ بالواقعة، وجاز أن لا يكون علم بها، وأنه لو علم لأنْكر.
فإن قيل: يَبْعُد أو يمتنعُ في العادة أن لم يعلم النبي - عليه السلام -
بذلك من عادة معاذ. قلتُ: لا يَبْعدُ ولا يمتنع ذلك، ألا ترى إلى قوله
- عليه السلام-: " يا معاذ، لا تكن فتانا، إما أن تصلي معي وإما أن
تخفف عن قومك "، وذلك حين أتى سُلَيم رسولَ الله فقال: إنا نُصلي
في أعمالنا فنأتي حين نُمسي فنُصلي، فيأتي معاذ بن جبلٍ فيُنادي بالصلاة
فنأتيه فيُطوّل علينا، فقوله - عليه السلام - هذا يدل على أنه عند رسول
الله كان يفعل أحد الأمْرين: إما الصلاة معه أو بقومه وأنه لم يكن يَجْمعهما، لأنه قال: إما أن تصلي معي أي: ولا تُصل بقومك، وإما
أن تخففه بقومك أي: ولا تصل معي، ولو كان جمعه بينهما صحيحا
لأمره بالتخفيف فقط.
الثاني: أن النية أمر باطن لا يطلع علي إلا بإخبار الناوِي، فجاز أن
تكون نيته مع النبي- عليه السلام- الفرض، وجاز أن تكون النفل ولم
يَرِد عن معاذ ما يدل على أحدهما، وإنما يعرف ذلك بأخباره.