ووظيفة المقتدي: التحميد، لأنه- عليه السلام- قسَم، والقسمة تنافي الشركة، وهو قول مالك، وأحمد في رواية، وعند أبي يوسف ومحمد: يأتي الإمام بهما، وهو قول الشافعي، وأحمد في رواية، والحديث حجة عليهم. وأما المؤتم: فلا يقول إلا " ربنا لك الحمد " ليس إلا عندنا. وقال الشافعي ومالك: يجمع بينهما، وسنَسْتوفي الكلام في هذا الباب عند انتهائنا إلى بابه إن شاء الله تعالى.
قوله:" جلوسا " حال- أيضاً- أي: جالسين، وهو جمع جالس. قوله:" أجمعون " تأكيد للضمير المرفوع الذي في قوله: " فصَلوا ". والحديث أخرجه باقي الأئمة الستة، واستدلوا به الإمام أحمد، وإسحاق ابن راهويه، وابن حزم، والأوزاعي، ونفى من أهل الحديث: أن الإمام إذا صلى قاعدا يصليْ خلفه قعوداً. وقال مالك، لا تجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائما ولا قاعداً. وقال أبو حنيفة، والشافعي، [١/ ٥، ٢ - أ] والثوري /، وأبو ثور، وجمهور السلف: لا يجوز للقادر على القيام أن يُصلي خْلف القاعد إلا قائما. وقال المرغيناني: النفل والفرض سواء. والجواب عن الحديث من وجوه، الأول أنه منسوخ، وناسخه:صلاة النبي- عليه السلام- بالناس في مرض موته قاعداً وهم قيام، وأبو بكر قائم يُعلمهم بأفْعال صلاته، بناء على أن النبي- عليه السلام- كان الإمامَ، وأن أبا بكر كان مأموما في تلك الصلاة.
فإن قيل: كيف وجه هذا النَسْخ، وقد وقع في ذلك خلاف، وذلك
أن هذا الحديث الناسخ وهو حديث عائشة فيه أنه كان -عليه السلام إماما وأبو بكر مأموم، وقد ورد فيه العكس كما أخرجه الترمذي والنَسائي عن نُعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مَسْروق، عن عائشة قالت:" صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدا ". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرج النسائي- أيضاً-، عن حُميد، عن أنسٍ قال: آخر صلاة صلاها رسول الله مع القوم صلى في