ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر؟ قلت: مثل هذا ما يُعارضُ مَا وقع في " الصحيح " مع أن العلماء جمعوا بيْنهما، فقال البيهقي في " المعرفة ": ولا تعارض بين الخبَريْن، فإن الصلاة التي كان فيها النبي- عليه السلام- إماما هي صلاة الظهر يوم السَّبْت أو الأحد، والتي كان فيها مأموما هي صلاة الصبح من يوم الاثنين، وهي آخر صلاة صلاها- عليه السلام- حتى خرج من الدنيا. قال: وهذا لا يُخالفُ ما ثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين، وكشفه- عليه السلام- الستر ثم إرخائه، فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى، ثم إنه- عليه السلام- وجد في نفسه خفةً، فخرج فأدرك معه الركعة الثانية. وقال القاضي عياض: نسخْ إمامة القاعد محتملة بقوله- عليه السلام-: " لا يؤمن اْحد بَعْدي جالسا " وبفعل الخلفاء بعده، وأنه لم يؤم اْحد منهم قاعدا، وإن كان النسخ لا يمكن بعد النبي- عليه السلام- فمثابرتهم على ذلك تشهد بصحة نهيه- عليه السلام- عن إمامة القاعد بعده.
قلت: هذا الحديث أخرجه الدارقطني، ثم البيهقي في ما سننهما، عن جابر الجُعفي، عن الشعبي، وقال الدارقطني: لم يَرْوه عن الشعبي غير جابر الجُعْفي، وهو متروك، والحديث مُرْسل لا تقوم به حجة. وقال عبد الحق في " أحكامه ": ورواه عن الجُعْفي: مجالد، وهو- أيضاً- ضعيف.
الثاني: أنه كان مخصوصا بالنبي- عليه السلام-. وفيه نظر، لأن الأصل عدم التخصيص حتى يدلّ علي دليل- كما عرف في الأصول. الثالث: يُحمل قوله: " فإذا صلى جالسا فصلّوا جلوسا " على أنه إذا كان الإمام في حالة الجلوس فاجْلسوا ولا تخالفوه بالقيام، وكذلك " إذا صلى قائما فصّلوا قياما " أي: إذا كان في حالة القيام فقوموا ولا تخالفوه بالقعود، وكذلك في قوله:" فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا ". ولقائل أن يقول: لا يَقْوى الاحتجاج على أحمد بحديث عائشة المذكور أنه- عليه السلام- صلى جالسا والناس خلفه قيام، بل ولا يصلح لأنه