للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للترخيص، لكنه إذا استجمر بالحجارة فليجعل وترا ثلاثاً وإلا فلا حرج إن

تركه إلى غيره، وليس معناه ترك التعبد أصلاً، بدليل حديث سلمان:

" نهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار " (١) .

قلت: قال الأستاذ فخر الدين في التمسك بالحديث: الشارعُ نفى

الحرج عن تارك الاستنجاء، فدل على أنه ليس بواجب، وكذلك ترك

الإيتار لا يضر؛ لأن ترك أصله لما لم يكن مانعاً، فما ظنك في ترك

وصفه؟ فدل الحديث على انتفاء المجموع.

وقال الخطابي (٢) : " وفيه وجه آخر: وهو رفع الحرج في الزيادة على

الثلاث، وذلك أن مجاوزة الثلاث في الماء عدوان، وترك للسُنة،

والزيادة في الأحجار ليست بعدوان وإن صارت شفعاً ".

قلت: هذا الوجه لا يفهم من هذا الكلام على ما لا يخفى على

الفطن، وأيضاً مجاوزة الثلاث في الماء، كيف يكون عدواناً إذا لم تحصل

الطهارة بالثلاث؟ والزيادة في الأحجار وإن كانت شفعاً كيف لا تصير

عدواناً، وقد نص على الإيتار؟ فافهم.

قوله: " ومن كل فما تخلّل فليلفظْ " " الفاء " في قوله: " فما تخلل "

للترتيب المعنوي، وهو عطف مفصل على مجمل، نحو قوله: " توضأ،

فغسل وجهه ويديه، ومسح على رأسه، وغسل رجليه ". وقوله:

" تخلل " أي: تخلل بالخلال بعد الأكل.

قوله: " فليلفظْ " أي: فليرم؛ لا معنى " اللفظ " في اللغة: الرمي،

يقال: أكلت التمرة ولفظت نواها، ولفظت الرحى الدقيق، أي: رمتهُ،

وهذا أيضاً من الأمور الإرشادية.

قوله: " وما لاك " عطف على قوله: " فما تخلل " من اللوْك، يقال:

لكْتُ الشيء في فمي ألوكه، إذا علكتُه، وقد لاك الفرس اللجام.


(١) مسلم: كتاب الطهارة، باب: الاستطابة (٢٦٢/٥٧) .
(٢) المصدر قبل السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>