وإن تكلم فيه، ولكنه يعتبر به ما تابعه علي غيره من الثقات، وهو الذي
يسمى ابن عبد الله بن مغفل.
قلت: فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد الله بن مغفل برواية هؤلاء
الثلاثة الأجلاء عنه، وبالجملة فهذا حديث صريح في عدم الجهر بالبسملة، وهو وإن لم يكن / من أقسام الصحيح فلا ينزل عن درجة [١/٢٦١-ب] الحسن، وقد حسَنه الترمذي، والحديث الحسن يحتج به لا سيما إذا
تعددت شواهده، وكثرت متابعاته، والذين تكلموا فيه، وتركوا الاحتجاج به لجهالة ابن عبد الله بن مغفل، واحتجوا في هذه المسألة بما
هو أضعف منه، بل احتج الخطيب بما يعلم هو أنه موضوع، ولم يُحْسِن
البيهقي في تضعيف هذا الحديث إذ قال بعد أن رواه في كتاب " المعرفة "
من حديث أبي نعامة: تفرد به أبو نعامة قيس بن عبادة، وأبو نعامة،
وابن عبد الله بن مغفل، لم يحتج بهما صاحبا الصحيح.
قلت: قوله: " تفرد به أبو نعامة " ليس بصحيح، فقد تابعه عبد الله
ابن بريدة، وأبو سفيان السعدي.
وقوله:، وأبو نعامة، وابن عبد الله بن مغفل لم يحتج بهما صاحبا
الصحيح " ليس بلازم في صحة الإسناد، ولئن سلمنا فقد قلنا: إنه
حسن، والحسن يحتج به، وهذا الحديث مما يدل على أن ترك الجهر
عندهم كان ميراثا عن نبيهم- عليه السلام- يتوارثونه خلفُهم عن
سلفهم، وهذا وجه كان في المسألة، لأن الصواب الجهرية دائمة صباحا
ومَساء، فلو كان- عليه السلام- يجهر بها دائما " وقع فيه اختلاف ولا
اشتباه، ولكان معلوما بالاضطرار، و" قال أنس: " لم يجهر بها- عليه
السلام- ولا خلفاؤه الراشدون "، ولا قال عبد الله بن مغفل ذلك أيضا،ً
وسماه حَدَثاً، و" استمر عمل أهل المدينة في محراب النبي- عليه
السلام- ومقامه على ترك الجهر، فتوارثه آخرُهم عن أولهم، وذلك جار
عندهم مجرى الصاع والمد، بل أبلغ من ذلك، لاشتراك جميع المسلمين
في الصلاة، ولأن الصلاة تتكرر كل يوم وليلة، وكم من إنسان لا يحتاج