إلى صاع ولا مد، ومن يحتاجه يمكث مدة لا يحتاج إليه، ولا يظن عاقل أن أكابر الصحابة والتابعين، وأكثر أهل العلم كانوا يواظبون على خلاف ما كان رسول الله- عليه السلام- يفعله.
ومنها: ما أخرجه مسلم في " صحيحه "(١) ، عن بديل بن ميسرة،
عن أبي الجوزاء، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:" كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب " الحمدُ لله رَبّ العَالمينَ " انتهى. َ
وهذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة، وتأويله على إرادة اسم السورة يتوقف على أن السورة كانت تسمى عندهم بهذه الجملة، فلا يعدل عن حقيقة اللفظ وظاهره إلى مجازه إلا بدليل.
فإن قيل: هذا الحديث معلول بأمرين. الأول: أن أبا الجوزاء لا يعرف
له سماع من عائشة.
والثاني: أنه يروى عن عائشة: " أنه- عليه السلام- كان يجهر ". قلنا: يكفينا ابنه حديث أودعه مسلم في " صحيحه "، وأبو الجوزاء اسمه: أوس بن عبد الله الربعي، ثقة كبير، لا ينكر سماعه من عائشة، وقد احتج به الجماعة.
وبديل بن ميسرة تابعي، مُجمع على عدالته وثقته، وقد حدث بهذا الحديث عنه الأئمة الكبار، وتلقاه العلماء بالقبول ولم يتكلم فيه أحد منهم، وما رُوي عن عائشة من الجهر فكذب بلا شك، فيه الحكم بن عبد الله بن سعد، وهو كذاب دجال، لا يحل الاحتجاج به، ومن العجب القدح في الحديث الصحيح والاحتجاج بالباطل.
ومنها: ما رواه الإمام أبو بكر الرازي في " أحكام القرآن ": أخبرنا
أبو الحسن الكرخي، ثنا الحضرمي، أنا محمد بن العلاء، ثني معاوية بن هشام، عن محمد بن جابر، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله،
(١) كتاب الصلاة، باب: ما يجمع صفة الصلاة ... (٤٨٩/٢٤٠) .