للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قال عبد الحق في " أحكامه الكبرى ": رفع هذا الحديث

عبد الحميد بن جعفر، وهو ثقة، وثقه ابن معين. قلت: كان سفيان الثوري يضعفه، ويحمل عليه، ولئن سلمنا رفعه فليس فيه دلالة على الجهر، ولئن سلم، فالصواب فيه الوقف كما قال الدارقطني: اختلف فيه على نوح بن أبي بلال، فرواه عبد الحميد عنه، واختلف عنه، فرواه المعافى بن عمران، عن عبد الحميد، عن نوح، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا، ورواه أسامة بن زيد، وأبو بكر الحنفي، عن نوح، عن المقبري، عن أبي هريرة موقوفا، وهو الصواب.

فإن قيل: هذا موقوف، في حكم المرفوع، إذ لا يقول الصحابي:

إن البسملة إحدى آيات الفاتحة إلا عن توقيف، أو دليل قوي ظهر له، وح (١) يكون له حكم سائر آيات الفاتحة من الجهر، والإسرار. قلت: لعل أبا هريرة سمع النبي- عليه السلام- يقرأها فظنها من الفاتحة، فقال: إنها إحدى آياتها، ونحن لا ننكر أنها من القراَن، ولكن النزاع في موضعين، أحدهما: أنها آية من الفاتحة، والثانية: أن لها حكم سائر آيات الفاتحة جهراً وسرا، ونحن نقول: إنها آية مستقلة قبل السورة، وليست منها، جمعا بين الأدلة، وأبو هريرة لم يخبر عن النبي- عليه السلام- أنه قال: هي إحدى آياتها، وقراءتها قبل الفاتحة لا يدل على ذلك، وإذا جاز أن يكون مستند أبي هريرة قراءة النبي- عليه السلام- لها وقد ظهر أن ذلك ليس بدليل على محل النزاع، فلا يعارض به أدلتنا الصحيحة الثابتة، وأيضا فالمحفوظ الثابت عن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة في هذا الحديث عدم ذكر البسملة كما رواه البخاري في "صحيحه " من حديث ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: " والحمد لله " هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم "، ورواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح (٢) على أن عبد الحميد بن جعفر ممن تكلم فيه، ولكن وثَّقه أكثر


(١) أي: " وحينئذ ".
(٢) يأتي برقم (١٤٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>