للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمع (١) نفسه يخل بالإنصات فح (٢) يحمل هذا على أن المراد تدبر ذلك وتذكره، ولئن سلمنا القراءة حقيقة، فلا يدل ذلك على الوجوب، على أن بعض أصحابنا استحسنوا ذلك على سبيل الاحتياط في جميع الصلوات، ومنهم من استحسنها في غير الجهرية، ومنهم من رأى ذلك إذا كان الإمام لحانا.

قوله: " يا فارسي " خطاب لأبي السائب.

قوله: " قسمت الصلاة " المراد بها الفاتحة، وقد ذكرنا أن من جملة أسماء الفاتحة الصلاة، سميت بها، لأنها تقرأ دائما في سائر الصلوات. وقال الشيخ محيي الدين (٣) : " ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة، سميت بذلك لأنها لا تصح الصلاة إلا بها، كقوله- عليه السلام-: " الحج عرفة ".

قلت: لا نسلم ابن يلزم من تسميتها صلاة وجوبها بعينها، لأن تسميتها بذلك باعتبار أنها تقرأ في سائر الصلوات، لا باعتبار أنها فرض بعينها، ولا يلزم من قراءتها في سائر الصلوات فرضيتها، كالتسميع والتحميد، ونحوهما، فإن صلاة لا تخ (٤) عن شيء من ذلك، وليس ذاك بفرض، وقياسه على قوله: " الحج عرفة" ليس بصحيح، لأن معنى هذا الكلام معظم أركان الحج الوقوف بعرفة، وليست العرفة بعينها عبارة عن الحج، لأن العرفة لا تخ (٤) إما أن تكون اسمه لليوم المعهود، أو للموضع المعهود، وكل منهما ليس بحج ولا داخل في أركان الحج فافهم، ثم معنى قوله: " قسمت" قسمتها من جهة المعنى، لأن نصفها الأول: تحميد الله تعالى وتمجيده، وثناء عليه، وتفويض إليه، والنصف الثاني: سؤال، وتضرع، وافتقار، وهذا من جملة ما احتج به أصحابنا على أن البسملة ليست من الفاتحة، لأنها سبع آيات بالإجماع، فثلاث في أولها


(١) في الأصل: " تسمع ".
(٢) أي: " فحينئذ ".
(٣) شرح صحيح مسلم (٤/ ١٠٣) .
(٤) كذا، ولعلها بمعنى: " لا تخرج ".

<<  <  ج: ص:  >  >>