بذلك لأنها تغطي الأرض بمائها، وهذا المعنى أيضا في الدجال، لأنه يغطي الأرض بكثرة أتباعه، أو يغطي الحق بباطله، وقيل: لأنه مطموس العين من قولهم، دجل الأثر إذا عفي ودرِسَ. وقيل من دجل؛ أي: كذب، والدجال: الكذاب".
قوله: "من فتنة المحيا والممات " كلاهما مصدران ميميان بمعنى الحياة والموت ويحتمل زمان ذلك لأن ما كان معتل العين من الثلاثي فقد يأتي منه المصدر والزمان والمكان بلفظ واحد، أما فتنة الحياة فهي: التي تعرض لإنسان مدة حياته من الافَتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأشدها وأعظمها- والعياذ بالله- أمر الخاتمة عند الموت، وأما فتنة الموت فاختلفوا فيها، فقيل: فتنة القبر، وقيل: يحتمل أن يراد به الفتنة عند الاحتضار، أضيفت إلى الموت لقربها منه.
فإن قيل: إذا كان المراد من قوله: "وفتنة الممات" وفتنة القبر، يكون هذا مكررَا، لأن قوله: "من عذاب القبر" يدل على هذا، قلت: لا تكرَار، لأن العذاب يزيد على الفتنة، والفتنة سبب له، والسبب غير المسبب. قوله: "من المأثم " أي: الإثم الذي يجر إلى الذم والعقوبة.
قوله: "والمغرم " الدين، يقال: غَرِمَ الرجل- بالكسر- إذا ادان، وقيل الغُرم والمغرم: ما ينوبُ الإنسان في ماله من ضرر لغير جنايةِ منه، وكذلك ما يلزمه أداؤه، ومنه الغرامة، والغريم الذي عليه الدين، والأصل فيه الغَرام وهو الشر الدائم والعذاب.
قوله: "فقال له: قائل " أي: قال للنبي- عليه السلام- قائل، سائلا عن وجه الحكمة في كثرة استعاذته من المغرم فقال- عليه السلام-: "إن الرجل إذا اغَرِم" يعني: إذا لحقه دين حدثَ فكذب، بأن يحتج بشيء في وفاء ما عليه، ولم يقم به فيصير كاذبَا، ووعد وأخلف، بأن قال لصاحب الدين أوفيك دينك في يوم كذا، أوفي شهر كذا، أو في وقت كذا، ولم يوف فيه فيصير مخالفَا لوعده، والكذب وخلف الوعد من