أدرك حكم الصلاة أو وجوبها، أو فضلها، وقال القرطبي: هذا ظاهره
لا يصح لقوله- عليه السلام-: " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا".
وروى جابر: " من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك فضل الجماعة،
ومن أدرك الإمام قبل أن يُسلم فقد أدرك فضل الجماعة ". رده أبو أحمد
بكثير بن شنظيرِ، وقال القرطبي: والصحيح أنه أدرك فضل الجماعة.
وقيل: أدرَكَ حكم الصلاة. أي: يلزمه من أحكامها ما لزم الإمام من
الفساد وغيره.
ثم إذا قلنا إنه أدرك فضل الجماعة، فهل يكون ذلك مُضاعفاً كما يكون
لمن حضرها من أولها؟ أو يكون غير مضاعف؟ اختُلف فيه على قولين،
وإلى التضعيف ذهب أبو هريرة وغيره من السلف، وكذلك إن وجدهم قد
سلموا عند هؤلاء، كما جاء في ظاهر حديث أبي داود عن أبي هريرة:
"من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله
من الأجر مثل أجر من حضرها وصلاها " (١) وإلى عدم التضعيف ذهبت
طائفة أخرى. والى هذا يشير قول أبي هريرة: " ومن فاتته قراءة أم القرآن فقد فاته خيرْ كثير،، واختلفوا هل يكون مدركا للحكم أو للفضل أو للوقت، بأقل من ركعة، فذهب مالك وجمهور الأمة- وهو
أحد قولي الشافعي- إلى أنه لا يكون مدركاً شيئا من ذلك بأقل من
ركعة، متمسكين بلفظ الركعة، وذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف والشافعي- في أحد قوليه- إلى أنه يكون مدركا لحكم الصلاة. قال القرطبي: واتفق هؤلاء على إدراكه العصر بتكبيرة قبل الغروب، واختلفوا
في الظهر، فعند الشافعي في قول هو مدرك بالتكبيرة لها لاشتراكهما في
الوقت، وعنه أنه بتمام القيام للظهر يكون قاضياً لها بعدُ، ثم هذه الركعة
التي يدرك بها الوقت هي/ بقدر ما يكبر فيها للإحرام، ويقرأ أم القرآن [٢/٢٠ - ب] قراءة معتدلة، ويركع ويرفع، ويسجد سجدتين يفصل بينهما، ويطمئن
في كل ذلك على قول من أوجب الطمأنينة، وعلى قول من لا يوجب
(١) تقدم برقم (٥٤٦) .