الزهري، وأن قصته في الصلاة كانت قبل بدر، ولا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخِرُ الإسْلام عن بدر؛ لأن الصحابي قد يَرْوي ما لا يَحضره بأن يَسْمعه من النبي- عليه السلام- أو صحابي آخر.
وقال البيهقي:"باب ما يستدل به على أنه لا يجور أن يكون حديث ابن مسعود في تحريم الكلام ناسخا لحديث أبي هريرة وغيره في كلام الناسي" وذلك تقدم حديث عبد الله وتأخر حديث أبي هريرة وغيره. قال ابن مسعود فيما روينا عنه في تحريم الكلام:"فلما رجعنا من أرض الحبشة، ورجوعه من أرض الحبشة كان قبل هجرة النبي- عليه السلام-، ثم هاجر إلى المدينة وشهد مع النبي- عليه السلام- بدرا، فقصة التسليم كانت قبل الهجرة. والجواب عن هذا: أن أبا عُمر ذكر في "التمهيد " أن الصحيح في حديث ابن مسعود أنه لم يكن الا بالمدينة، وبها نُهي عن الكلام في الصلاة، وقد روي حديث ابن مسعود بما يوافق حديث زيد بن أرقم قال: "كنا نتكلمُ في الصلاة: يكلمُ الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: "وَقُومُوا لله قانتين "(١) ، فأُمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام "، وهو حديث صحيح صريح في أن تحريم الكلام كان بالمدينة؛ لأن صحبة زيد لرسول الله إنما كانت بالمدينة، وسورة البقرة مدنية، ثم ذكر حديث ابن مسعود من جهة شعبة، ولم يقل: إنه كان حين انصرافه من الحبشة، ثم ذكره من وجه آخر بمعنى حديث زيد سواء؛ ولفظه: "إن الله أحدث أن لا تكلموا الا بذكر الله، وأن تقوموا لله قانتين، ثم ذكر حديثا ثم قال: ففيه وفي حديث ابن مسعود دليل على أن المنع من الكلام كان بعد إباحته. فإن قيل: حديث ابن مسعود في سنده: عاصم ابن بهدلة. قال البيهقي في كتاب "المعرفة": صاحبا الصحيح توقيا روايته لسُوء حفظه. وقال أبو عمر في "لتمهيد ": مَن ذكر في حديث ابن مسعود: "إن الله أحدث أن لا تكلموا في الصلاة " فقد وهم، ولم يقل ذلك غير عاصم، وهو عندهم سيء الحفظ كثير الخطأ. قلت: