للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث رواه ابن حبان في " صحيحه"، والنَّسائي في " سننه" (١) . وقال البيهقي: ورواه جماعة من الأئمة عن عاصم بن أبي النجود، وتداوله الفقهاء إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان روايته لسُوء حفظه؟ فأخرجاه منْ طريق آخر ببَعْض مَعْناه. وقال أبو عمر: وقد رُوي حديث ابن مسعود بما يوافق حديث زيد بن أرقم- كما ذكرناه. وهذا القدر كاف في صحة الاستدلال.

ثم إن حديث عاصم ليس فيه: " فلما رجعنا من أرض الحبشة إلى مكة" بل يحتمل أن يُريد: "فلما رجعنا من أرض الحبشة إلى المدينة" ليتفق حديث ابن مسعود وحديث ابن أرقم. وقد ذكر ابن الجوزي أن ابن مسعود " عاد من الحبشة إلى مكة، رجع في الهجرة الثانية إلى النجاشي، ثم قدم على رسول الله بالمدينة وهو يتجهزُ لبدرٍ. وذكر البيهقي فيما بعد في هذا الباب من كلام الحميدي، أن إتيان ابن مسعود من الحبشة كان قبل بدر، وظاهر هذا يؤيد ما قلناه، وكذا قول صاحب" الكمال" وغيره: هاجر ابن مسعود إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة. ولهذا قال الخطابي (٢) : إنما نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة/ يسيرة، وهذا يدل على اتفاق حديث ابن مسعود وابن أرقم على أن التحريم كان بالمدينة كما تقدم من كلام صاحب "التمهيد".

وقد أخرج النسائي في "سننه" (٣) من حديث ابن مسعود قال: كنت آتي النبي- عليه السلام- وهو يُصلي فأسلم عليه فيرد علي، فأتيتُه فسلمت عليه فلم يرد علي، فلما سلم أشار إلى القوم فقال: "إن الله عَز وجَل أحدث في الصلاة أن لا تتكلموا ألا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين". وظاهر قوله: "وأن تقوموا لله قانتين" يدل على


(١) كتاب السهر، باب: الكلام في الصلاة (٣/ ١٩) .
(٢) معالم السنن (١/ ٢٠٣) .
(٣) كتاب السهو، باب: الكلام في الصلاة (٣/ ١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>