هذا القول، وعلى تقدير صحة ذلك نَقول: هذا القول كان بالمدينة قبل بدر، وقضية ذي اليدين- أيضا- كانت قبل بدر؛ لكن قضية ذي اليدين كانت متقدمة على حديث ابن مسعود وابن أرقم، فنسخت بهما؛ يدل على ذلك: ما رواه البيهقي في آخر " باب من قال: يسجدهما قبل السلام في الزيادة والنقصان " بسند جيد من حديث معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان، عن أبي هريرة، فذكر صلاة النبي - عليه السلام- وسَهوَه، ثم قال الزهري: وكان ذلك قبل بدر ثم استحكمت الأمور بعدُ، فهذا يدل على أن أبا هريرة لم يحضر تلك الصلاة لتأخر إسلامه عن هذا الوقت، وأيضا- فإن ذا اليدين قُتِل ببدرٍ. وروى الطحاوي عن ابن عمر قال: كان إسلام أبي هريرة بعد ما قتل ذو اليدين.
وذكر ذلك ابن عبد البر، وابن بطال، وذكر عن ابن وهب أنه قال:
إنما كان حديث ذي اليدين في بَدء الإسلام، ولا أرى لأحد أن يَفْعله اليوم، وقولُ أبي هريرة: صلى بنا رسول الله- يعني: بالمسلمين- وهذا جائز في اللغة. روى عن النزال بن سَبرة قال: قال لنا رسول الله: " أنا وإياكم كنا ندعى بني عبد مناف" الحديث. والنزالُ لم يرَ رسول الله، وإنما أراد بذلك: قال لقومنا. وروى طاوس قال: قدم علينا معاذ بن جبل فلم يأخذ من الخضروات شيئا، وإنما أراد: قدم بلدنا؛ لأن معاذا إنما قدم في عهد رسول الله قبل أن يُولد طاوس، ذكر ذلك الطحاوي، ومثله هذا ذكره البيهقي في " باب البيان أن هذا النهي مخصوص ببعض الأمكنة "(١) عن مجاهد قال: جاءنا أبو ذر إلى آخره، ثم قال البيهقي: مجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر؛ وقوله:" جاءنا " يعني: جاء بلدنا.
قال الطحاوي: ومما يدل على أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة: