للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " ذاك شيء يجدونه في صدورهم " معناه: " (١) أن الطيرة شيء

يجدونه في نفوسهم ضرورة، ولا عتب عليهم في ذلك؛ فإنه غير

مكتَسَب لهم فلا تكليف به؛ ولكن لا يمتنعوا بسببه من التصرف في أمورهم، فهذا هو الذي يقدرون عليه وهو مكتسب لهم، فيقع به التكليف، فنهاهم النبي- عليه السلام- عن العلم بالطيرة، والامتناع من تصرفاتهم بسببها، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في النهي عن

التطير، والطيرة هنا محمولة على العمل بها لا على ما يوجد في النفس

من غير عمل على مقتضاه عندهم.

قوله: "فلا يَصدهم " أي: لا يصدهم ذلك عن التصرفات، كما

ذكرناه.

قوله: " يخطون" من الخط. وهو الضربُ في الرمْل على ما ذكر في

كيفيته. " (٢) وقال/ ابن الأعرابي في تفسير الخط: كان الرجل يأتي [٢/٣٦- أ] لا العَرافَ وبين يدَيه غلامْ، فيأمره بأن يَخُط في الرمل خطوطا كثيرةً وهو

يقول: ابنَيْ عيَانْ أسرعا البَيانْ، ثم يأمره أن يَمْحو منها اثنين اثنين، ثم

ينظر إلى آخر ما يبقي من تلك الخطوط، فإن كان الباقي منها زوجا فهو

دليل الفَلْج والظفر، وإن بقي فردا فهو دليل الخيْبة واليأس.

قوله: " فمَنْ وافقَ خطه فذاك " أي: من وافقَ خط هذا النبي فذاك،

يعني: فهو مُباح له؛ ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا تُباحُ.

وقال الشيخ محيي الدين (٣) : والمقصود: أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا

بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها؛ وإنما قال- عليه السلام-: "فمَنْ

وافق خطه فذاك"، ولم يقل: هو حرام بغير تعليق على الموافقة لئلا

يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخلُ فيه ذلك النبي الذي كان يَخُط، فحافظ


(١) انظر: شرح صحيح مسلم (٢٣/٥) .
(٢) انظر: معالم السنن (١/ ١٩٢) .
(٣) شرح صحيح مسلم (٢٣/٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>