للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسْرار، والعراف: الذي يتعاطى بمعْرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما؛ وبهذا حصل الفرق بينهما.

" (١) وإنما نهى عن إتيان الكهان لأنهم يتكلمون في. مغيبات، قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك، ولأنهم يلبسون على الناس كثيرا من أمر الشرائع، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكُهان وتصديقهم فيما يقولون، وتحريم ما يعطون من الحُلْوان؛ وهو حرام بإجماع المسلمين، وقد نقل الإجماع في تحريمه جماعة منهم: أبو محمد البغوي.

وقال الخطابي (٢) : كان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيراً من الأمور، فمنهم من يزعم أن له ربيبا من الجن يلقي إليه الأخبارَ، ومنهم مَنْ يدعي استدراك ذلك بفهم أعطيَه، ومنهم من يُسمى عرافا؛ وهو الذي يَزعم معرفة الأمور بمقدمات وأسباَب يستدل بها، كمعرفة من سرق الشيء الفلاني، ومعرفة من يُتهم به المرأة (٣) ونحو ذلك، ومنهم مَن يُسمي المنجمَ كاهنا؛ ذكر ذلك في قوله- عليه السلام-: " مَنْ أتى كاهنا فصدقه " الحديث، ثم قال: فالحديث يشمل النهي عن إتيان هؤلاء كلهم، والرجوع إلى قولهم، وتصديقهم فيما يدعونه" (٤) .

قوله: "يتطيرون " من التطير؟ وهو التشَاؤمُ بالشيء، وكذلك الطيرة وهي مصدر تطير- أيضا- يقال: تطير طيرةً كتخير خيرة، ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما؛ وأصله فيما يقال: التطير بالسوانح والبَوارح من الطير والظباء وغيم هما، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله، ونهى عنه.


(١) انظر: شرح صحيح مسلم (٢٢/٥) .
(٢) معالم السنن (٤/ ٢٠٩- ٢١٠) .
(٣) في الأصل: "المعرفة " خطأ.
(٤) إلى هنا انتهى النقل من شرح صحيح مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>