للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسقط عنه تبعته أبداً، اللهم إلا إذا رضي صاحبه، وجعله في حل من

ذلك، ويدخل فيه صدقة المرأة من مال زوجها بغير رضاه، وصدقة العبد

من مال سيده، وصدقة الوكيل من مال موكله، والمضارب من مال رب

المال، والشريك من مال شريكه، ونحو ذلك، ويدخل فيه الوصيُّ الذي

أوصى إليه رجل بأن يتصدق ببعض (١) ماله، فأنفقه على نفسه، أو

أخرجه في غير مصرفه، ونُظار الأوقاف الذين يتناولون من ريعها من غير

استحقاق، ثم يتصدقون بها، أو يصرفون ريعها في غير ما عينه أصحاب

الوقف، وإذا كان عند رجل مال من حرام، فمات صاحبه يرده على

ورثته، فإن لم يكن له ورثة يتصدق عنه، ويرجى له الخلاص يوم

القيامة، وكذا إذا لم يدْر صاحبه.

قوله: " ولا صلاة " أي: ولا يقبل الله صلاة " بغير طُهور ".

وقوله: " صلاة " نكرة في سياق النفي فتعم، ويشمل سائر الصلوات

من الفرض والنفل. والطُّهور- بضم الطاء- والمراد به الفعل، وهو

قول الأكثرين، وقد قيل: يجوز فتحها، وهو بعمومه يتناول الماء

والتراب. والاستدلال بهذا الحديث على فرضية الطهارة ظاهر؛ لأنه تعالى

إذا لم يقبل الصلاة إلا بالطهارة، تكون صحتها موقوفة على وجود

الطهارة، فالموقوف فرض، وكذا الموقوف عليه، فيكون شرطاً،

والمشروط لا يوجد بدونه.

فإن قلت: ما سبب وجوب الطهارة؟ قلت: إرادة الصلاة بشرط

الحدث، لقوله تعالى: (إذا قُمْتُمْ إلى الصلاة فاغْسلُوا) (٢) أي: إذا

أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلواً، لا القيام مطلقاً كما هو

مذهب أهل الظاهر، ولا الحدث مطلقاً كما هو مذهب أهل الطرد،

وفسادهما ظاهر، ثم اختلفوا متى فرضت الطهارة للصلاة؟ فذهب ابن

الجهم إلى أن الوضوء في أول الإسلام كان سُنة، ثم نزل فرضه في آية


(١) في الأصل: " بعض ".
(٢) سورة المائدة: (٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>