قال الحافظ أبو عبد الله بن منده: الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول،
والخطأ من الصواب أربعة: البخاري، ومسلم، ثم أبو داود، والنسائي.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة،
سمع بمصر والحجاز والشام والعراقيين وخراسان، وقد كتب بخراسان قبل
خروجه إلى العراق، في بلده وهراة، وكتب ببغلان عن قتيبة، وبالري عن
إبراهيم بن موسى، إلا أن أعلى إسناده: القعنبي، ومسلم بن إبراهيم ...
وسمى جماعة، قال: وكان قد كتب قديماً بنيسابور، ثم رحل بابنه أبي بكر
إلى خراسان.
روى أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، قال: دخلت الكوفة سنة إحدى
وعشرين، وما رأيت بدمشق مثل أبي النضر الفراديسي، وكان كثير البكاء،
كتبت عنه سنة اثنتين وعشرين.
قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي: سمعت أحمد بن محمد بن الليث
قاضي بلدنا يقول: جاء سهل بن عبد الله التستري إلى أبي داود السجستاني،
فقيل: يا أبا داود، هذا سهل بن عبد الله جاءك زائراً- فرحب به، وأجلسه،
فقال سهل: يا أبا داود، لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: حتى تقول:
قد قضيتها مع الإمكان، قال: نعم، قال: أخرج إلي لسانك الذي تحدث به
أحاديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أقبله، فأخرج إليه لسانه فقبله.
روى إسماعيل بن محمد الصفار، عن الصاغاني، قال: لُيّن لأبي داود
السجستاني الحديث، كما لين لداود الحديد.
وقال موسى بن هارون: ما رأيت أفضل من أبي داود.
قال ابن داسة: سمعت أبا داود يقول: ذكرتُ في " السنن " الصحيح وما
يقاربه، فن كان فيه وهن شديد بينته.
قلت: فقد وفى- رحمه الله- بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما ضعفه
شديد، ووهنه غير محتمل، وكاسر عن ما ضعفه خفيف محتمل، فلا يلزم من
سكوته- والحالة هذه- عن الحديث أن يكون حسناً عنده، ولا سيما إذا حكمنا