معرفته بتخريج العلوم، وبصره بمواضعه أحد في زمانه، رجل ورع مقدم،
سمع منه أحمد بن حنبل حديثاً واحداً، كان أبو داود يذكره.
قلت: هو حديث أبي داود، عن محمد بن عمرو الرازي، عن عبد الرحمن
ابن قيس، عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سئل عن العتيرة، فحسنها ".
وهذا حديث منكر، تكلم في ابن قيس من أجله، وإنما المحفوظ عند حماد
بهذا السند حديث: " أما تكون الزكاة إلا من اللبة ".
ثم قال الخلال. وكان إبراهيم الأصبهاني ابن أورمة، وأبو بكر بن صدقة
يرفعون من قدره، ويذكرونه بما لا يذكرون أحداً في زمانه مثله.
وقال أحمد بن محمد بن ياسين: كان أبو داود أحد حفّاظ الإسلام لحديث
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلمه وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف،
والصلاح والورع، من فرسان الحديث.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني، وإبراهيم الحربي: لما صنف
أبو داود كتاب " السنن " ألين لأبي داود الحديث، كما ألين لداود، عليه السلام،
الحديدُ.
الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى، سمعت محمد بن مخلد
يقول: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث، ولما صنف كتاب " السنن "
وقرأه على الناس، صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف، يتبعونه ولا
يخالفونه، وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه.
وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق أبو داود في الدنيا للحديث، وفي
الآخرة للجنة.
وقال علان بن عبد الصمد: سمعتُ أبا داود، وكان من فرسان الحديث.
قال أبو حاتم بن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً، ونسكاً
وورعاً وإتقاناً، جمع وصنف وذب عن السنن.