للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم: " نعم "، بعد قوله: "اصدق ذو اليدين؟ " فقد تكلموا بعد العلم بعدم النسخ.

فإن قيل: كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعدُ في الصلاة؟ قلنا:

قال الشيخ محيي الدين (١) : فجوابه من وجهين؛ الأول: أنهم لم يكونوا على اليقين من البقاء في الصلاة؛ لأنهم كانوا مجوزين لنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين؟ ولهذا قال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ والثاني: أن هذا كان خطابا للنبي- عليه السلام- وجوابا، وذلك لا يبطل عندنا ولا عند غيرنا؛ وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح أن الجماعة أومئوا أي: نعم؛ فعلى هذه الرواية لم يتكلموا.

قلت: وفي الجواب الأول نظر- كما ذكرنا الآن.

قوله: " فقيل لمحمد " أي: لمحمد بن سيرين.

قوله: " لكن نبئتُ " أي: أخبِرتُ أن عمران بن حُصَين [قال] : ثم سلّم. وحديث عَمران بن حصين: أخرجه البخاري، ومسلم، عنه أن رسول الله- عليه السلام- صلّى العصر فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يُقال له: الخِرباق- وكان في يديه طول- فقال: يا رسول اللهم فذكر له صنعه فقال: " أصدقَ هذا؟ " قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلّم، ثم سجَد سجدتين ثم سلم.

الثاني في الفوائد التي تؤخذ من هذا الحديث: منها: أنه قد احتج به بعضهم على جواز الترجيح بكثرة العدد. قال القرطبي: لا حجة فيه؛ لأنه- عليه السلام- إنما استكشف لما وقع له من التوقف في خبره؛ حيث انفرد بالخبر عن ذلك الجمع الكثير وكلهم دواعيها متوفرة، وحاجتهم داعية إلى الاستكشاف عما وقع؛ فوقعت الريبَةُ في خبر المخبِر لهذا، وجوز أن يكون الغلط والسهو منه لا لأنها شهادة.


(١) شرح صحيح مسلم (٧٣/٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>