وأمرَ بلالا فأقامَ الصلاة، فصلي بالناسِ رَكْعةً، فأخبرتُ بذلك الناسَ فقالوا لي: أتعرفُ الرجلَ؟ قلتُ: إلا أن أراه، فمر بي فقلتُ:- هو هذا، فقالوا طلحة بن عُبَيْد الله. انتهى.
وهذا الحديث فيه أشياء: سهو النبي- عليه السلام- ركعة، وخروْجه من المسجد ثم دخوله فيه، وأمره بلالا بالإقامة، وكلامُه في أثناء الصلاة، وكلام طلحة بن عبيد الله.
فإن قيل: ما حكم هذه الأشياء إذا وقعت لأحد من المسلمين؟ قلتُ:
قد أوضحت لك غير مرة ابن الكلام والخروج منه المسجد ونحو ذلك قد نُسخ، حتى لو فعلَ احد مثل هذا اليومَ بطلت صلاته؛ ألا ترى إلى ما روى الطحاويّ أن عمر رضي الله عنه كان مع النبي- عليه السلام- يوم ذي اليدين، ثم حدثت به تلك الحادثة بعد النبي- عليه السلام- فعمل فيها بخلاف ما عمل- عليه السلام- يومئذ، ولم ينكر عليه أحد ممن حضر فعله من الصحابة؛ وذلك لا يصح أن يكون منه ومنهم إلا بعدَ وُقوفهم على نسخ ما كان منه- عليه السلام- يوم ذي اليدين.
فإن قيل: الأخبار التي ورَدت من حديث أبي هريرة وحديث عمران بن الحصين وحديث معاوية بن حُديج هل هي قضية واحدة أو قضيتان أو كثر؟ قلت: الذي يظهر من كلام البخاريّ أن حديث أبي هريرة وعمران واحدة لقوله إثر حديث أبي هريرة: فربما سألوه- يعني: محمداً- ثم سلم قال: نبئتُ أن عمران قال: ثم سلم. والذي يقوله ابن حبان أنه غيرُه قال: لأن في حديث أبي هريرة الذي أعلمَ النبيَّ- عليه السلام- ذو اليدين، وفي خبر عمران: الخرباقُ، وفي خبر معاوية بن حديد: طلحة بن عُبيد الله، قال: وخبر الخِرباق: سَلم في الركعة الثالثة، وخبر ذي اليدين: من ركعتين، وخبر معاوية: من الركعتين من صلاة المغرب؛ فخذ أنها ثلاثة أحوال مُتباينة في ثلاث صلوات لا واحدة، فافهم. وحديث معاوية: أخرجه النسائي- أيضا وقال أبو سعيد بن يونس: هذا الصح حديثٍ: معاوية بن حُديج.