للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حبيب: رأيت ابن الماجشون، ومحمد بن مسلمة ينشدان فيه الشعر، ويذكران أيام العرب، وقد كان ينشد بين يدي مالك فيُصغي إليه. قال أبو عبد الملك: كان حسان ينشد الشعر في المسجد في أول الإسلام، وكذا لعب الحبش فيه، وكان المشركون إذ ذاك يدخلونه، فلما كمل الإسلام زال ذلك كله. وقال البخاري: " باب إنشاد الشعر في المسجد" (١) ، ثم قال: حدَّثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: أخبرني أبو سلمة أنه سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة: أنشدك الله هل سمعتَ النبيَّ- عليه السلام- يقولُ: " يا حسان، أجِبْ عن رسول الله، اللهم أيّده بروح القدس "؟ قال أبو هريرة: نعم فدل الحديث على أن الشعر حق، يتأهل صاحبه لأن يكون مؤيداً في النطق بنصر الملائكة، وما كان هذا شأنه فلا يتخيل أنه يحرم في المسجد لأن الذي يحرمُ في المسجد من الكلام إنما هو السفه وما هو باطل. وقد روى الترمذي من حديث عائشة: كان رسول الله ينصبُ لحسان منبراً في المسجد، فيقوم عليه يهجو الكفار.

فإن قيل: روى ابن خزيمة في " صحيحه" عن عبد الله بن سعيد: نا

أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: نهى رسول الله عن تناشد الأشعار في المساجد. وحسنه الحافظان: الطوسي، والترمذي. وروى أبو داود من حديث صدقة بن خالد، عن محمد بن عبد الله الشعيثي، عن زفر بن وثيمة، عن حكيم ابن حزام مرفوعاً: نهى أن يستقاد في المسجد، وأن تُنشد فيه الأشعار (٢) . قلنا: قال ابن حزم: حديث عَمرو لا يصح لأنه صحيفة، وحديث حكيم بن حزام زعم أبو محمد الإشبيلي أنه حديث ضعيف. وقال ابن القطان: لم يُبين أبو محمد من أمرهَ شيئا وعلته: الجهل بحال زفر فلا يُعرف.


(١) كتاب الصلاة (٤٥٣) .
(٢) أبو داود: كتاب الحدود، باب: في إقامة الحد في المسجد (٤٤٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>