بينه وبين الحائط ممر الشاة. وقال ابن التين: وهو أول منبر عمل في الإسلام. وذكر ابن سعد وغيره: أن المنبر عمل سنة سبع. ويقال: سنة ثمان. ولما قام النبي- عليه السلام- عليه حن الجذع الذي كان يخطب عليه كالعُشارِ؛ لأنه- عليه السلام- كان يخطب إليه قائماً قبل أن يتخذ المنبر. وعن عائشة- رضي الله عنها-: " وضع النبي- عليه السلام- يده على الجذع وسكنه، غار الجذع فذهب. وعن الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه قال: كان النبي- عليه السلام- يصلي إلى الجذع إذ كان المسجد عريشاً، وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن نجعل لك منبراً تقوم عليه يوم الجمعة، وتسمع الناس يوم الجمعة خطبتك؟ قال: " نعم "، فصنع له ثلاث درجات هي على المنبر، فلما صنع المنبر وضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله، وبدأ الرسول أن يقوم (١) فيخطب عليه، فمر إليه فلما جاز الجذع الذي كان يخطب إليه غار حتى تصدع وانشق، فنزل النبي- عليه السلام- لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده، ثم رجع إلى المنبر، فلما هُدم المسجد أخذ ذلك أبيُّ بن كعب، فكان عنده إلى أن بَلِيَ وأكلته الأرضة، فعادَ رُفَاتاً، رواه الشافعي، وأحمد، وابن ماجه.
قوله: "ولتعلموا صلاتي" بفتح العين، واللام المشددة، أي: ولتتعلموا، فحذفت إحدى التائين للتخفيف، فبين- عليه السلام- أن [٢/٨٢ - أ] صعوده/ المنبر وصلاته عليه إنما كان للتعليم، ليرى جميعُهم أفعاله- عليه السلام-، بخلاف ما إذا كان على الأرض، فإنه لا يراه إلا بعضهم ممن قرب منه- عليه السلام-. وقال ابن حزم: وبكيفية هذه الصلاة قال أحمد، والشافعي، والليث، وأهل الظاهر. ومالك، وأبو حنيفة: لا يجيز إنه.
قلت: ذكر صاحب "المحيط" أن المشي في الصلاة خطوة لا يبطلها،