قال: وشهدت المغيرة بن شعبة فعل ذلك أيضا، فسألت خالداً: كيف فعل ابن عباس، ففسر لنا كما صنع ابن مسعود في حديث معمر والثوري، عن أبي إسحاق سواء.
قلت: هذه شواهد لرواية ثوبان المتقدمة، وذكر البيهقي عن ابن مسعود
أنه قال: التكبير في العيدين خمس في الأولى، وأربع في الثانية، ثم قال: هذا رأي من جهة عبد الله. والحديث المسند مع ما عليه من عمل المسلمين أولي أن يتبع.
قلت: هذا لا يثبت بالرأي. قال أبو عمر في " التمهيد": مثل هذا
لا يكون رأياً، ولا يكون إلا توقيفاً؛ لأنه لا فرق بين سبع وأقل وكثر من جهة الرأي والقياس. وقال ابن رشد في "القواعد": معلوم أن فعل الصحابة في ذلك توقيف، إذ لا يدخل القياس في ذلك. وقد وافق ابن مسعود على ذلك جماعة من الصحابة والتابعين، على أنه نقل عن أحمد ابن حنبل: ليس يُروى في التكبير في العيدين حديث صحيح؛ وإنما عمل المسلمون بقول ابن عباس؛ لأن أولاده الخلفاء أمَروهم بذلك، فتابعوهم خشية الفتنة لا رجوعاً عن مذاهبهم، واعتقاداً لصحة رأي ابن عباس في ذلك.
فإن قيل: ما تقول فيما " (١) أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وعن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده عمرو بن عوف المزني: أن رسول الله- عليه السلام- كبر في العيدين في الأولى سبعاً قبل القراءة، وفي الآخرة خمساً قبل القراءة. قال الترمذي: حديث حسن، وهو أحسن شيء رُوي في هذا الباب. وقال في "علله الكبرى": سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح منه، وبه أقول؟