فجعل يسبح ويحمد ويهلل " إلى آخره. وظاهر هذين الحديثة أن الركعتين بركوع واحد، وقد تكلفوا للجواب عنهما فقال النووي: قوله: سب " وصلى ركعتين " يعني: في كل ركعة قياما وركوعا/. وقال القرطبي: يحتمل أنه إنما أخبر عن حكم ركعة واحدة، وسكت عن الأخرى.
قلت: وفي هذين الجوابين إخراج اللفظ عن ظاهره، وهو لا يجوز إلا بدليل، وأيضا فلفظ النسائي: " كما يصلون "، وابن حبان: " مثل صلاتكم " يرد ذلك، وتأوله المازري على أنها كانت صلاة تطوع لا كسوف، فإنه إنما صلى بعد الانجلاء، وابتداؤها بعد الانجلاء لا يجوز، وضعفه النووي بمخالفته للرواية الأخرى قال: بل يحمل قوله: " فانتهيت إليه وهو رافع يديه " على أنه وجده في الصلاة كما في الرواية الأخرى: " فأتيته وهو قائم في الصلاة " وكانت السورتان بعد الانجلاء تتميما للصلاة، فتمت جملة الصلاة ركعتين، أولها في حال الكسوف وآخرها بعد الانجلاء، وهذا لا بد منه جمعا بين الروايتين، وذكر القرطبي ما ذكره المازني أيضا ثم قال: لكن ورد في أبي داود عن النعمان بن بشير قال: وكسفت الشمسِ على عهد رسول الله، فجعل يصلي ركعتين، ويسأل عنها حتى تجلت الشمس " قال: وهو معتمد قوي للكوفية , غير أن أحاديث الركعتين في كل ركعة أصح وأشهر، ويحمل هذا على أنه بين الجواز وذاك هو السنة.
قلت: وقد غفل القرطبي عن حديث أبي بكرة عند البخاري كما تقدم، وفيه:" فصلى بهم ركعتين "، وتعلق أبو حنيفة بحديث قبيلة الهلالي أيضا رواه أبو داود لما نذكره عن قريب.
قلت: الصواب عندي أن لا يقال: اختلفوا في صلاة الكسوف، بل تخيروا، فكل واحد منهم تعلق بحديث ورآه أوْلى من غيره بحسب ما أدى اجتهاده إليه في صحته وموافقته للأصل المعهود في البواب الصلاة، فأبو حنيفة تعلق بأحاديث الجماعة الذين ذكرناهم ورآها أوْلى من رواية عائشة وابن عباس، لموافقتها القياس في أبواب الصلاة، على أن في