للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية، والرواية الأخرى أوضح دلالة، وهي قوله: "إذا أراد أن يَجمَع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما"، وفي الرواية الأخرى: " ويؤخر المغرب حتى يجْمع بينها وبين العشاء حين يَغيبَ الشفقُ ".

قلنا: أمّا الجوابُ عن الأول أن الشفق نوعان: أحمر وأبيض، كما اختلف العلماء من الصحابة وغيرهم فيه، ويحتمل ابنه جمعَ بينهما بعد غياب الأحمر، فيكون المغربُ في وقتها على قول مَنْ يقول الشفقُ هو الأبيض وكذلك العشاء تكون في وقتها على قول من يقول الشفق هو الأحمر، ويُطلقُ عليه أنه جمع بينهما بعد غياب الشفق، والحال أنه قد صلى كل واحدة منهما في وقتها على اختلاف القولين في تفسير الشفق، وهذا الجواب مما فُتِحَ عليكَ من الفيض الإلهي، وفيه إبطاء لأبطال تأويل الحنفية. والجواب عن الثاني: أن معنى قوله: " أخر الظهر إلى وقت العصري أخره إلى آخر وقته الذي يتصل به وقت العصر، فيصلي الظهر في آخر وقته، ثم يصلنا العصر متصلاً به في أول وقت العصر، فيطلق عليه أنه جمع بينهما لكنه فعْلاً لا وقتا.

والجواب عن الثالث: أن أول وقت العصر مختلف فيه - كما عرف - وهو إما بِصَيْرُورَةِ ظل كل شيء مثله أو مثليه، فيحتملُ ابنه أخر الظهرَ إلى أن صار ظل كل شيء مثله، ثم صلاها، وصلى عقابها العصر، فيكون قد صلى الظهر في وقتها على قول مَنْ يَرَى أن آخر وقت الظهر بصيرورة ظل كل شيء مثليه، ويكون قد صلى العصر في وقتها على قول من يرى أن أول وقتها بصيرورة ظل ط كل شيء مثله، ويَصدُقُ على مَنْ فعل هذا أنه جمع بينهما في أول وقت العصر، والحال أنه قد صلى كل واحدة منهما في وقتها على اختلاف القولين في أول وقت العَصْر، وبمثل هذا لو فعل المقيم يجوز، فضلاً عن المسافر، الذي يحتاج إلى التخفيف.

والجوابُ عن الرابع مثل الجواب عن الأول، فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>