للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " شهد عندي " معناه: بينوا لي وأعلموني به، قال تعالى: {شَهِدَ اللهُ أنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} (١) . قال الزجاج: معناه: بَين. وقال السَفاقُسي: اختلف العلماء في تأويل نهيه- عليه السلام- عن الصلاة بعد الصبح والعَصْر. قال أبو طلحة: المراد بذلك: كل صلاة , ولا يثبتُ ذلك عنه. وقال ابن حزم: إن قوما لم يروا الصلاة أصلاً في هذين الوقتين. وقال النووي: أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها. وقال أصحابنا: ولا بأس بأن يصلي في هذين الوقتين الفوائت، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة , لأن الكراهة كانت لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به، لا لمعنى في الوقت، فلم تظهر في حق الفرائض وفيما وجب بعينه كسجدة التلاوة وكذا صلاة الجنازة , لأنها ليست بموقوفة على فعل العبد , ولكن يظهرُ في حق المنذور , لأنه تعلق وجوبه بسبب من جهته وفي حق ركعتي الطواف وفي الذي شرع فيه ثم أفسده , لأنَ الوجوب لغيره وهو ختم الطواف وصيانة المؤدّي.

فإن قيل: شغل الوقت كله: تقديري، وأداء النوافل: تحقيقي. قلنا: الفرض التقديري أقوى من النفل التحقيقي، ولا يظهر النهي في حق مثله من الفرض. وقال ابن بطال: تواترت الأخبارُ والأحاديث عن النبي - عليه السلام- أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، وكان عمر يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير , فدل أن صلاته- عليه السلام- الركعتين بعد العصر مخصوصة به دون أمته. قلت: وكذا قال الماوردي وغيره: إنه من خصوصياته- عليه السلام-، وقد مر الكلام فيه آنفا. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي.

١٢٤٧- ص- نا الربيع بن نافع: لا محمد بن مهاجر، عن العباس بن


(١) سو ر آل عمران: (١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>