للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش- " اكلفوا " بفتح اللام، والهمزة فيه للوصل، من كلفت بالشيء

إذا ولعت به، وأحببته، من باب علم يعلم.

قوله: " لا يمل " بفتح الميم، قيل معناه لا يمل أبدًا، مَلِلْتُم أو لم تملوا،

وقيل: لا يمل بمعنى لا يترك، لأن من مَلَّ شيئًا تركه، فالمعنى لا يترك

الثواب ما لم يملوا من العمل، فعلى هذا يكون من باب ذكر الملزوم،

وإرادة اللازم، وقيل: لا يقطع عنكم فضله، ما لم تملوا سؤاله، فسمى

فعله مَلَلاً، وليس بملل، ولكن لتزدوج اللفظة "بأختها في اللفظ، وإن

خالفتها في المعنى، وهذا كقوله تعالى {وَجَزَاءُ سيئة سيئةٌ مثْلُهَا} (١)

وقوله تعالى: {فمَنَ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} (٢) وقوله تعالى:

{ومَكرُوا وَمَكَرَ اللهُ} (٣) وقال الشاعر:

ألا [لا] يجهلن أحد علينا..... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

أراد فيجازيه، فسماه جهلاً، والجهل لا يفخر به/ ذو عقل، ولكنه [٢/١٤٩- أ] ، على المذهب المذكور أعني: الازدواج، والمشاكلة، وقيل: معناه لا

يطرحكم حتى تتركوا العمل، أو تزهدوا في الرغبة إليه، فسمى الفعلي

مللاً وليرس بملل في الحقيقة، على مذهب العرب في وضع الفعل

موضع الفعل، إذا وافق معناه كقول الشاعر:

ثم أضحوا لعب الدهر بهم...... وكذلك الدهر يودي بالرجال

فجعل هلاكه إياهم لعبا.

قوله: " فإن أحب العمل إلى الله أدومه " أي: أثبته، و" إن قل "، وفيه

الحث على المداومة على العمل، وأن قليله الدائم، خير من كثيره الذي


= مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره ٢١٥- (٧٨٢) ، النسائي: كتاب القبلة، باب: المصلى يكون
بينه وبين الإمام عشرة (٢/ ٦٨) ، ابن ماجه: كتاب الزهد، باب: المداومة على العمل (٤٢٣٨) .
(١) سورة الشورى (٤٠) .
(٢) سورة البقرة: (١٩٤) .
(٣) سورة آل عمران (٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>