قوله: " ثم لببته " - بتخفيف الباء وتشديدها، والتخفيف أعرف-
ومعناه: جمعت عليه ثوبه عند صَدْره في لبته، ومَسكته بها وسُقتُه
واللبّة: المنحر، ووقع هاهنا " لببته بردائي "، ولفظ البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي " بردائه " ويحتمل أن يكون جمعهما له " حصل
عنده من الإنكار عليه.
قوله: " على سَبعة أحرُف " قال العلماء: سبب إنزاله على سبعة أحرف
التخفيف والتَّسْهِيل , ولهذا قال- عليه السلام-: " هُون على أمتِي ".
واختلفوا في المراد بسَبْعة أحرف , " (١) قال القاضي: قيل: هو
توسعة وتَسْهيل لم يقصد به الحصْر، وقال الأكثرون: هو حَصْرٌ للعدد في [٢/١٧١-ب] ، سَبْعة، ثم قيل: هي سَبْعة في المعاني/ كالوَعْد والوعيد، والمحكم والمُتشابه، والحلال والحرام، والقصص والأمثال، والأمر والنَهْي.
ثم اختلف هؤلاء في تعيين السَبْعة، وقال آخرون: هي في صورة
التلاوة وكيفية النطق بكلماتها من إدغام وإظْهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة
ومَد , لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه، فيسّرَ اللهُ تعالى عليهم، ليقرا كل إنسان بما يُوافقُ لغتَه، ويَسْهلَ على لسانه. وقال
آخرون: هي الألفاظُ والحروفُ.
ثم اختلف هؤلاء، فقيل: سبْعُ قراءات وأوجُه. وقال أبو عُبيد:
سبْع لغات للعرب يمنها ومعدها، وهي أفصح اللغات وأعْلاها، وقيل:
بل السبْعة كلها لمُضَر وحدها، وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في
كلمة واحدة. وَقيل: بل هيِ مجتمعة في بعض الكلمات كقوله تعالى:
" وعَبَدَ الطَّاغُوتَ " و" نرْتَعْ ونَلعَبْ " و" " بَاعدْ بينَ أسْفَارِنَا "
و" بعَذاب بَئيس " وغير ذلك. وقال القاضي أبو بكَر ابن الباقلاني: الصحَيح: أن هًذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضَت عن رسول الله
- عليه السلام-، وضبطتها عنه الأمة، وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف، وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا، وأن
(١) انظر: شرح صحيح مسلم (٦/٩٩ -١٠٠) .