وهدايا النجاشي ابن أخي النجاشي ذو مخبر، أو ذو مخمر، أرسله ليخدم النبي- عليه السلام- عوضا عن عمه، وقال السهيلي: توفي النجاشي في رجب سنة تسع من الهجرة، وفي هذا نظر (١) .
وقال الخطابي: النجاشي رجل مسلم، قد آمن برسول الله- عليه السلام- وصدقه على نبوته، إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسول الله- عليه السلام- أن يفعل ذلك إذ هو نبيه، ووليه، وأحق الناس به، فهذا - والله أعلم- هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه، بظهر الغيب، فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان، وقد قضى حقه من الصلاة عليه، فإنه لا يصلى عليه من كان ببلد آخر غائبا عنه، فإن عُلِمَ أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كانت السنة أن يصلى عليه ولا يترك ذلك لبعد المسافة، فإذا صلوا عليه استقبلوا القبلة، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت- إن كان في غير جهة القبلة- وقد ذهب بعض العلماء إلى كراهة الصلاة على الميت الغائب، وزعموا أن النبي- عليه السلام- كان مخصوصا بهذا الفعل إذ كان في حكم المشاهد للنجاشي، لما روي في بعض الأخبار " أنه قد سُويت له أعلام الأرض حتى يبصر مكانه " وهذا تأويل فاسد، لأن رسول الله- عليه السلام- إذا فعل شيئا من أفعال الشريعة كان علينا متابعته والاتسَاء به، والتخصيص لا يعلم إلا بدليل، ومما يبين ذلك أنه صلى الله عليه وسلم خرج بالناس إلى الصلاة، وصف بهم، وصلوا معه، فعلم أن هذا التأويل فاسد.
قلت: هذا التشنيع كله على الحنفية من غير توجيه ولا تحقيق، فنقول
ما يظهر لك فيه دفع كلامه: إن النبي- عليه السلام- رفع له سريره فوقه، فتكون الصلاة عليه كميتٍ رآه الإمام، ولا يراه المأموم،