فإن قيل: قال ابن الجوزي: هذا الحديث مرسل، وقال هبة الله الطبري: هذا الكتاب صحيفة ليس بسماع، ولا يعرف أهل المدينة كلهم عن كتاب عمرو بن حزم إلا مثل روايتنا، رواها الزهري، وابن المبارك، وأبو أويس، كلهم عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، مثل قولنا، ثم لو تعارضت الروايتان عن عمرو بن حزم، بقيت روايتنا عن أبي بكر الصديق، وهي في الصحيح، وبها عمل الخلفاء الأربعة، وقال البيهقي: هذا حديث منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي- عليه السلام- وقيس بن سعد أخذه عن كتاب، لا عن سماع وكذلك حماد بن سلمه أخذه عن كتاب، لا عن سماع، وقيس بن سعد، وحماد بن سلمه وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه تخالف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو بن حزم، وغيره، وحماد بن سلمه ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما ينفرد به، وخاصة عن قيس بن سعد، وأمثاله.
قلنا: الأخذ من الكتاب حجة، صرح البيهقي في كتاب "المدخل ":
إن الحجة تقوم بالكتاب وإن كان السماع أولى منه بالقبول، والعجب من البيهقي أنه يصرح بمثل هذا القول، ثم ينفيه في الموضع الذي يقوم عليه الحجة، وقوله:"وبها عمل الخلفاء الأربعة " غير مسلم، لأن ابن أبي شيبة روى في "مصنفه": نا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال:"إذا زادت الإبل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة" ونا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم مثله.
فإن قيل: قال البيهقي: قال الشافعي في " كتابه القديم ": راوي هذا مجهول، عن علي- رضي الله عنه- وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم أن الذي روى هذا عنه غلط عليه، وأن هذا ليس في حديثه. قلنا: الذي رواه عن علي- رضي الله عنه- هو عاصم بن ضمرة- كما ذكرناه- وهو ليس بمجهول، بل معروف، روى عنه: الحكم، وأبو إسحاق