للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسة: استحباب الأخذ بالاحتياط في باب العبادات.

السادسة: أن الماء يتنجس بورود النجاسة عليه، وهذا بالإجماع، وأما

ورود الماء على النجاسة فكذلك عندنا. وقال الشافعي: لا ينجس. وقال

الشيخ محيى الدين في هذا الحديث: والفرق بين ورود الماء على النجاسة

وورودها عليه: أنها (١) إذا وردت عليه نجسته، وإذا ورد عليها أزالها،

فكأنه مشعر بذلك على الخلاف المذكور. قلنا: سلمنا أنها إذا وردت عليه

نجسته وسلمنا أنه إذا ورد عليها أزالها، ولكن لا نسلم أنه يبقى طاهراً بعد

أن أزالها.

السابعة: استحباب استعمال الكنايات في المواضع التي فيها استهجان.

واعلم أن هذا كله إذا شك في نجاسة اليد، أما إذا تيقن طهارتها وأراد

غمسها قبل غسلها ثلاثاً له الخيار، إن شاء غمسها قبل الغسل، وإن شاء

بعده، وهذا مذهب الجمهور؛ لأنه- عليه السلام- نبه على العلة وهي

الشك، فإذا انتفت العلة انتفت الكراهة، ولو كان النهي عاما لقال: " إذا

أراد أحدكم استعمال الماء فلا يغمسْ يده حتى يغسلها "، وكان أعم

وأحسن. وعن بعض الشافعية: حكمه حكم الشك؛ لأن أسباب

النجاسة قد تخفى في حق معظم الناس فيسد الباب، لئلا يتساهل فيه من

لا يعرف " (٢) ، وما ذكرناه يرد هذا.

وروى هذا الحديث البخاريُ من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن

الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله وقال: " إذا توضأ أحدُكُم

فليجعل في أنفه، ثم لينتثر (٣) ، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ

أحدُكم من نومه فليغسلْ يده قبل أن يُدخلها في الإناء، فإن أحدكم لا

يفري أين باتت يدُهُ ". ورواه مسلم مثل رواية أبي داود، ورواه ابن ماجه


(١) في الأصل: " وأنها ".
(٢) إلى هنا انتهى النقل من " شرح صحيح مسلم ".
(٣) في صحيح البخاري (١٦٢) : " ثم لينثر "

<<  <  ج: ص:  >  >>