للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدرها من المال- كما قررناه- ثم قال (١) : "وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب إلى ظاهر الحديث إبراهيم النخعي، والشافعي، وإسحاق ابن راهويه، وقال الثوري: عشرة دراهم وشاتان، وإليه ذهب أبو عبيد، وقال مالك: يجب على رب المال أن يبتاع للمصدق السن الذي يجب له، وقال أصحاب الرأي: يأخذ قيمة الذي وجب عليه، وإن شاء تقاصا بالفصل الدراهم".

قوله: "عن موسى " أي: عن موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي شيخ أبي داود.

قوله: "فإنها تقبل منه، وليس معه شيء " أي: مع ابن لبون لا يجب شيء من الماء والدراهم، وظاهر هذا اللفظ أن ابن لبون يقبل منه سواء كانت قيمته قيمة ابنة مخاض، أو لم يكن، وفيه دليل على أن ابنة المخاض ما دامت موجودة فإن ابن اللبون لا يجزئ عنها.

وقال الخطابي (٢) : "ولو كانت القيمة مقبولة لكان الأشبه أن يجعل

بدل ابنة مخاض قيمتها، دون أن يؤخذ الذكران من الإبل، فإن سُنة الزكاة قد جرت بأن لا يؤخذ فيها إلا الإناث، إلا ما جاء في البقر من التسع ". قلنا: إنما أخذ ابن لبون هاهنا موضع ابنة مخاض رفقا بصاحب المال،

لأن غالب أموال العرب كانت الإبل، والدراهم عندهم قليل جدا، فجعل ذلك بناء على الرفق بهم، لا أن أخذ القيمة لم يجز، وتنصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، ولا في اللفظ ما يمنع جواز أخذ القيمة صريحا فافهم.

قوله: "ومن لم يكن عنده ألا أربع " أي: إلا أربع من الإبل "فليس فيها شيء"، أي: صدقة، لعدم كمال النصاب، "إلا إن يشاء ربها"، أي: صاحبها، بأن أراد أن يتصدق تبرعا فله ذلك، و {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} (٣) .


(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق (٢/ ٢٠) .
(٣) سورة التوبة: (٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>