للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قال شمس الأئمة في " كتابه " في "فصل بيان موجب الأمر في حق الكفار": لا خلاف أنهم مخاطبون بالإيمان، لأن النبي- عليه السلام- بُعثَ علىِ الناس كافة ليدعوهم إلى الإيمان، قال تعالى: {قُل نا أيُّها النَّاسُ إِنِّي رسُولُ الله إليكُمْ جَميعا} (١) ولا خلاف أنهم يخاطبون بالمشروع من العقوبات، فَلاَ خلاف أن الخطاب بالمعاملات يتناولهم أيضاً ولا خلاف أن الخطاب بالشرائع يتناولهم في حكم المؤاخذة في الآخرة، فأما في وجوب الأداء في أحكام الدنيا، مذهب العراقين من أصحابنا أن الخطاب متناول لهم أيضاً والأداء واجب عليهم، فإنهم لا يعاقبون على ترك الأداء إذا لم يكن الأداء واجبا عليهم، ومشايخ ديارنا يقولون: إنهم لا يخاطبون بأداء ما يحتمل السقوط من العبادات.

وقال الشيخ محيي الدين: وفيه- أي في الحديث- أن الوتر ليس بواجب، لأن بعْثْ معاذ إلى اليمن قبل وفاة النبي- عليه السلام- بقليل بعد الأمر بالوتر، والعمَل به.

قلت: لا نسلم أن فيه دليلان على عدم وجوب الوتر، لأن الحديث ما أحاط جميع الواجبات والفرائض، ألا ترى أنه لم يذكر فيه الصوم وغيره من الفرائض؟ ولهذا قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هذا الذي وقع في حديث معاذ من ذِكْرِ بعضِ دعائم الإسلام دون بعض، هو من تقصير الراوي، في (٢) يجوز أن يكون الوتر مذكورا فيه، وتَركَ الراوي ذكره اقتصاراَ كما ترك غيره. والحديث أخرجه الجماعة.

١٧٠٤- ص نا عتيبة بن سعيد، نا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك، أن رسولَ الله- عليه السلام- قال: "المعْتَدِي (٣) في الصدقةِ كَمَانِعِهَا" (٤) .


(١) سورة الأعراف: (١٥٨) .
(٢) يعني: "فحينئذ".
(٣) في سنن أبي داود: "المعتدي المتعدي ".
(٤) الترمذي: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في المتعدي في الصدقة (٦٤٦) ، ابن ماجه: كتاب الزكاة، باب: ما جاء في عمال الصدقة (١٨٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>