للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُنّة مؤكدة. ويرُدُ ذلك عليهم ما ورد في الصحيح: " هل علي غيرهن؟

قال: لا، إلا أن تطوع " (١) .

قوله: " لا يحدث فيهما نفسه " (٢) المعنى: لا يحدث بشيء في أمور

الدنيا، وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه،

فبمجرد إعراضه عنه عُفي له ذلك، وجعلت له هذه الفضيلة؛ لأن هذا

ليس من فعله، وقد عُفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر.

وقال القاضي عياض: يريد بحديث النفس الحديث المجْتلبُ والمكتسب،

وأما ما يقع في الخاطر غالباً فليس هو المراد، وقوله: " لا يحدث نفسه "

إشارة إلى أن ذلك الحديث مما يكتسب لإضافته إليه.

وقال بعضهم: هذا الذي يكون من غير قصد يرجى أن تُقبل معه

الصلاة، ويكون دون صلاة من لم يحدث نفسه بشيء؛ لأن النبي- عليه

السلام- ضمن الغُفران لمراعي ذلك؛ لأنه قل من تسْلمُ صلاتُه من

حديث النفس، وإنما حصلت له هذه المرتبة لمجاهدة نفسه من خطرات

الشياطين، ونفيها عنه، ومحافظته عليها، حتى لم يشتغل عنها طرفة

عين، وسلم من الشيطان باجتهاده، وتفريغه قلبه، ولو حدث نفسه فيما

يتعلق بأمور الآخرة، كالفكر في معاني المتلو من القرآن العزيز،

والمذكور (٣) من الدعوات والأذكار أو في أمر محمود أو مندوب إليه لا

يضر ذلك، وقد ورد عن عمر- رضي الله عنه- أنه [قال: إني] (٤)

لأجهز الجيش وأنا في الصلاة "، أو كما قال.

قوله: " غفر الله له ما تقدم من ذنبه " الغفْر والغُفْران: الستر، ومنه

المغْفر لأنه يستر الرأس. وقال ابن الأثير: " أصل الغفر: التغطية،

والمغْفرةُ: إلباس الله تعالى العفو للمذنبين " (٥) .


(١) يأتي برقم (٣٧٥) . (٢) انظر: " شرح صحيح مسلم " (٩/١٠٣) .
(٣) في الأصل: " والمذك "، وما أثبتناه من " عمدة القاري " (٢/٣٠١) .
(٤) غير واضح في الأصل، وما أثبتناه من " عمدة القاري " (٢/٣٠١) .
(٥) انظر: النهاية (٣/٣٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>