للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة، وأما من لم يُعرف له مال فالقول قوله في عدم المال.

وقال الخطابي (١) : وليس هذا من باب الشهادة، لكن من باب التبين والتعرف، وذلك أنه لا مدخل لعدد الثلاثة في شيء من الشهادات، فإذا قال نفر من قومه أو جيرانه ومن ذوي الخبرة بشأنه أنه صادق فيما يدعيه،

أعطي الصدقة.

قلت: الصواب ما قاله الخطابي لأنه أراد أن يخرج بالزيادة عن حكم الشهادة إلى طريق انتشار الخبر واشتهاره، وأن المقصد بالثلاثة هنا الجماعة التي أقلها أقل الجمع، لا نفس العدد، فافهم.

قوله: " من قومه " إنما قال هذا لأنهم من أهل الخبرة بباطنه، والمال مما يخفى في العادة، فلا يعلمه إلا من كان خبيرا بصاحبه.

قوله: " سحت" مرفوع على أنه خبر لقوله: "وما سواهن ".

وقوله: " يا قبيصة " جملة نهائية معترضة. وفي رواية مسلم: "سحتا" بالنصب وناصبه محذوف تقديره: وما سواهن من المسألة أعتقده سحتاً أو يؤكل حال كونه سحتاً والحديث أخرجه: مسلم، والنسائي.

ويستفاد منه فوائد كثيرة يستخرجها من له يد من العلوم، وذكر الخطابي (٢) منها فائدتين إحداهما: جواز نقل الصدقة من بلد إلى أهل بلد آخر، فهم ذلك من قوله: "أقم حتى تأتينا صدقة".

والثانية: أن الحد الذي ينتهي إليه العطاء في الصدقة هو الكفاية التي يكون بها قوام العيش، وسداد الخلة، وذلك يعتبر في كل إنسان بقدر حاله ومعيشته، مشى فيه حد معلوم، ويحمل عليه الناس/ كلهم مع اختلاف أحوالهم.

١٧٦٠- ص- نا عبد الله بن مسلمة، نا عيسى بن يونس، [عن الأخضر


(١) معالم السنن (٢/ ٥٨) .
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>