الثالث: أنه خبر واحد فيما يعم به البلوى، فلو ثبت لاشتهر.
والرابع: أنه بعد تسليم ثبوته محمول على غسل اليدين؛ لأن الصحابة
كان يستنجون بالأحجار دون الماء، فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث
خصوصاً في أيام الصيف، فأمر بالغسل لهذا، فإن قيل: قد قال ابن
حبان: وليس المراد من الوضوء غسل اليد، وإن كانت العرب تُسمي
غسل اليد وضوءاً، بدليل ما أخبرنا وأسند عن عروة بن الزبير، عن
مروان، عن بسرة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس فرجه فليتوضأ
وضوءه للصلاة ". وأسند أيضاً عن عروة، عن بسرة قالت: قال رسول
الله- عليه السلام-: " من مس فرجه فليعد الوضوء "، قال: والإعادة
لا تكون إلا لوضوء الصلاة. قلنا: هذا الطحاوي- وهو إمام في
الحديث- قد استضعفه بالإسناد الأول. وروى بإسناده، عن ابن عيينة:
أنه عد جماعة لم يكونوا يعرفون الحديث، ومن رأيناه يحدث عنهم
سخرنا منه، فذكر منهم: عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم، ثم أخرجه من طريق الأوزاعي: أخبرني الزهري، حدثني أبو بكر
ابن محمد بن عمرو بن حزم. قال: فثبت انقطاع هذا الخبر وضعفه،
وبالسند الأول رواه مالك في " الموطأ "، وعنه الشافعي في " مسنده "،
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي. وقال الطحاوي: لا نعلم أحداً أفتى
بالوضوء من مس الذكر غير ابن عمر، وقد خالفه في ذلك أكثر أصحاب
رسول الله- عليه السلام-. ومن الأحاديث التي احتجوا بها ما رواه ابن
حبان في " صحيحه " عن يزيد بن عبد الملك، ونافع بن أبي نعيم
القارئ، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا
أفضى أحدكم بيده إلى فرجه، وليس بينهما ستر/ولا حائل فليتوضأ ".
ورواه الحاكم في " المستدرك " وصححه. ورواه أحمد في " مسنده "،
والطبراني في " معجمه "، والدارقطني في " سننه "، وكذلك البيهقي،
ولفظه فيه: " من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه
وضوء الصلاة، قال: ويزيد بن عبد الملك تكلموا فيه، ثم أسند عن