وحديث أبي هريرة ناسخه؛ لأن إسلام أبي هريرة في سنة سبع من
الهجرة، فكان خبره بعد خبر طلق بسبع ستين. قلت: قد مضى أن في
رواية أبي هريرة يزيد بن عبد الملك، وهو واهٍ، منكر الحديث/وأما عدم
العلم برجوع طلق إلى المدينة لا يُوجب عدم رجوعه إليها بعد إسلام
أبي هريرة، فافهم.
فإن قيل: قد ذكر البيهقي عن ابن معين أنه قال: قد أكثر الناس في
قيس بن طلق ولا يحتج بحديثه. قلت: ذكر البيهقي ذلك بسند فيه محمد
ابن الحسن النقاش المفسر، وهو من المتهمين بالكذب. وقال البرقاني:
كل حديثه مناكير. وليس في تفسيره حديث صحيح. وروى ابن النقاش
كلام ابن معين هذا عن عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي، وعبد الله
هذا قال فيه ابن عدي: كان متهماً في روايته عن قوم أنه لم يلحقهم.
وقد روى عن ابن معين أنه وثق قيساً بخلاف ما ذكر عنه في هذا السند
الساقط. وصحح حديثه هذا ابن حبان وابن حزم. وأخرجه الترمذي،
وقال: هذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب كما ذكرنا.
فإن قيل: فقد قال الشافعي: سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما
يكون لنا فيه قبول خبره. وقد حكى الدارقطني أيضاً في " سننه " عن ابن
أبي حاتم، أنه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: قيس بن طلق
ليس ممن تقوم به حجة، ووهناهُ ولم يثبتاه. قلت: هو معروف، روى
عنه تسعة أنفس، ذكرهم صاحب الكمال، وذكرنا أكثرهم في ترجمته،
وذكره ابن حبان في " الثقات ". وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في
" صحيحيهما "، والحاكم في " المستدرك ". وروى له أصحاب السنن
الأربعة.
فن قيل: قد روى حديث بسرة جماعة من الصحابة، وكثرة الرواة
مؤثرة في الترجيح. وحديث طلق بن علي لا يحفظ من طريق يوازي هذه