للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يُصب الأرض، والسهام كانت ثلاثة، فالظاهر أنها أصابت ثلاثة

مواضع، وذلك يدل على كثرة الدم، فلما لم يدل مضيه على جواز

الصلاة مع النجاسة، كذلك لا يدل على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء،

على أنا نقول: إن هذا فعل واحد من الصحابة، ولعله كان مذهباً له، أو

لم يعلم بحكمه، والله أعلم.

وهاهنا قاعدة وهي: أن تقليد الصحابي واجب أم لا؟ فالشافعي في

قوله الجديد لا يُقلد أحداً منهم أصلاً، سواء كان مما يدرك بالقياس أو لا

يدرك وجوباً ولا جوازا، وجوز بعض الشافعية التقليد من غير وجوب.

وقال أبو سعيد البرذعي من أصحابنا: تقليد الصحابي واجب، يُتركُ به

القياس. وقال الكرخي وجماعة من أصحابنا: يجب تقليده فيما لا يُدركُ

بالقياس، وفيما يدرك بالقياس لا يجب. وهذا كله إنما هو في كل ما

ثبت عنهم من غير خلاف بينهم، وأما إذا ثبت الخلاف بينهم فلا يجب

تقليده إجماعاً، وإذا كان كذلك فكيف يقلد الشافعيُّ الأنصاري في صلاته

بالدم الخارج منه، وقد خالفه في ذلك جماعة من الصحابة مثل عمر،

وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وثوبان،

وأبو (١) الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري رُوي عنهم أنهم

قالوا بمذهبنا، وهؤلاء فقهاء الصحابة متبع لهم في فتواهم فيجب

تقليدهم، وقد قيل: إنه مذهب العشرة/المبشرة، وقد روى مالك في

" الموطأ ": حدثنا نافع عن ابن عمر: " أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ

ولم يتكلم، ثم رجع وبنى على ما قد صلى ".

وروى الشافعي في " مسنده ": حدثنا عبد المجيد، عن ابن جريج،

عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: " أنه كان يقول: من أصابه

رعاف، أو مذي أو قيء انصرف فتوضأ، ثم رجع فبنى ". وقال النووي

في " الخلاصة ": ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه بالدم والقيء

والضحك في الصلاة حديث صحيح.


(١) كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>