فنام فليس عليه وضوء حتى يضطجع "./وقال عكرمة وإبراهيم:
" الوضوء حتى يضع جنبه ". وروى أيوب، عن ابن سيرين: " أنه كان
ينام وهو قاعد ثم يصلي ولا يتوضأ ".
قوله: " كان النبي- عليه السلام- محفوظاً " يريد بهذا أن نومه- عليه
السلام- في سجوده ما كان يضره؛ لأنه كان محفوظاً من الله تعالى،
وغيره ليس بمحفوظ، يخاف عليه من خروج ريح ونحوه.
قوله: " وقالت عائشة " إلى آخره دليل آخر على أن نومه- عليه
السلام- ما كان كنوم غيره؛ لأنه- عليه السلام- كان ينام عينه ولا ينام
قلبه، بمعنى: أن ذهنه ما كان يغيب عنه، بل كان حاضراً في نومه ويقظته
بخلاف غيره، وأشار بهذين الكلامين أن هذا من خصائص النبي- عليه
السلام-، فلا يبقى وجهٌ للاحتجاج به في عدم انتقاض النوم في الهيئات
التي ذكرناها. قلنا: سلمنا أنه- عليه السلام- كان محفوظاً وأنه عينه
تنام ولا ينام قلبه، ولكن لا نسلم ترك الاحتجاج به، وكيف وقد وردت
أدلة أخرى مثلها يؤيد بعضها بعضاً تدل على صحة ما ذهبنا إليه.
قوله: " وقال شعبة " إلى آخره، إشارة إلى أن حديث قتادة منقطع.
وقال الترمذي: وقد رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس
قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه، وقال أبو القاسم البغوي:
يقال: إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية. وقال الدارقطني:
تفرد به يزيد الدالاني، عن قتادة ولا يصح، وذكر ابن حبان أن يزيد
الدالاني كان كثير الخطأ، فاحش الوهم يخالف الثقات في الروايات،
حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولة أو مقلوبة، لا
يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد عنهم بالمعضلات؟
وقال البيهقي: فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على يزيد الدالاني جميع
الحفاظ، وأنكر سماعه من قتادة أحمد بن حنبل، والبخاري، وغيرهما،
ولعل الشافعي وقف عليه حتى رجع عنه في الجديد. قلنا: ذكر أبو داود
هاهنا ناقلاً عن شعبة: أن قتادة سمع من أبي العالية أربعة أحاديث، وذكر
٣٠. شرح سنن أبي داوود ١