للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلمة " في " هاهنا للمصاحبة، والمعنى: اخرج إلى البادية مصاحباً

الغنم، كما في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَومه في زينَته) (١) ، ويكون

محل " فيها " نصباً على الحال.

قوله: " فبدوت إلى الربذة " أي: أخرجتها إلى بادية الربذة، والربذة

- بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة-: قرية معروفة قرب المدينة،

بها قبر أبي ذر الغفاري، بينها وبين المدينة ثلاث مراحل.

قوله: " فأمكث الخمس والست " أي: خمسة أيام وستة أيام،

ونصبهما على الظرفية.

قوله: " ثكلتك أمك " أي: " (٢) فقدتك، والثكل- بضم الثاء-:

فقد الولد، وامرأة ثاكل وثكلى، ورجل ثاكل وثكلان، كأنه دعى عليه

بالموت لسوء فعله، أو قوله، والموت يعم كل أحد، فإذن الدعاء عليه

كَلا دُعاء، أو أراد إذا كنت هكذا فالموت خير لك لئلا تزداد سوءاً،

ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب ولا يراد بها

الدعاء، كقولهم: " تربت يداك، وقاتلك الله ".

قوله: " أبا ذر " نصب على النداء، وحرف النداء محذوف تقديره: يا

أبا ذر.

قوله: " لأمك الويل " أي: الحزن والهلاك والمشقة من العذاب، وكل

من وقع في هلكة دعى بالويل، و " الويل " مرفوع بالابتداء، وخبره

" لأمك " مقدماً، والمعنى: إنها إذا فقدت ولدها يكون لها ويل وعذاب،

وهذا دعاء بعد دعاء، يدل على أنه- عليه السلام- تغيظ على أبي ذر

غيظاً قويا لمكثه في الجنابة هذا المقدار الذي ذكره.

قوله: " فجاءت بعُس " العس- بضم العين المهملة، وتشديد السين-:

القدح الضخم، وجمعه عِسَاسٌ وأعساسٌ.


(١) سورة القصص: (٧٩) .
(٢) أنظر: النهاية (١/٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>