للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرح، فإنه يغسل ما لا ضرر عليه من غَسله، ويتيمم للباقي منه، وهو

قول الشافعي، ويحتج به أيضاً أصحابه في أن لا يتيمم في مصر لصلاة

فرض، ولا لجنازة، ولا لعيد؛ لأنه واجد للماء فعليه أن يُمسه جلده ".

قلت: لا نسلم أن الاحتجاج به في الصورة الأولى صحيح؛ لأنه لا

يدل على صحة الجمع بين البدل والمبدل، ومن اين يعرف من قوله:

" فأمسه جلدك " أن يمس الماء بعض جلده، ويتيمم للبعض؟ والعبارة لا

تدل على هذا أصلاَ، بل هذا حجة لنا عليهم؛ لأن قوله: " فإذا وجدت

الماء " أي: الماء الكامل الوافي للاغتسال أو الوضوء " فأمسه جلدك

لأنه ذكر محلى بالألف واللام فيتناول الكامل، حتى إذا وجد ماء لا يكفي

يكون وجوده وعدمه سواء فيتيمم، كما إذا وجد ماء كافياً ولكنه يحاف

العطش على نفسه أو دابته، فإنه كالمعدوم.

وأما الصورة الثانية، فكذلك لا يصح الاحتجاج به فيها؛ لأن مجرد

وجود الماء لا يكفي، بل الشرط القدرة عليه، فالذي تحضره الجنازة

ويخاف فوتها غير قادر على استعمال الماء، حتى إذا لم يخف فوتها لا

يجوز التيمم أيضاً، كما هو مصرح في كتب الحنفية.

والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي. وقال الترمذي: حديث

حسن صحيح. ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثلاثين من

القسم الأول، ورواه الحاكم في " المستدرك " (١) وقال: حديث صحيح،

ولم يخرجاه، وكذا رواه الدارقطني في " سننه " (٢) .

ص- قال مسدد: " غُنيمة من الصدَقَةِ "، وحديث عمرو أتم.

ش- أشار بهذا إلى أن في رواية مسدد " غنيمة من الصدقة "، وأشار

بقوله: " وحديث عمرو أتم " إلى أن هذه الرواية التي فيها صرح باسم

عمرو بن بُجدان أتم من الرواية الثانية التي لم يُصّرح فيها عمرو، وإنما


(١) (١/١٧٦) .
(٢) (١/١٨٦- ١٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>