للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: فيه دليل على جواز التيمم للجنب (١) المجروح الذي يخاف

استعمال الماء.

الثالثة: فيه دليل على جواز المسح على الجراحة بعد تعصيبها. وقال

الخطابي (٢) : " فيه من الفقه أنه أمر بالجمع بين التيمم وغسل سائر بدنه

بالماء، ولم ير أحد الأمرين كافياً دون الآخر. وقال أصحاب الرأي: إن

كان أقل أعضائه مجروحاً جمع بين الماء والتيمم، وإن كان الأكثر كفاه

التيمم وحده ".

قلت: أراد بأصحاب الرأي: أصحاب أبي حنيفة، ولكن مذهبهم

ليس كما نقله الخطابي، فإنه غلط؛ بل المذهب: أن الرجل إذا كان أكثر

بدنه صحيحاً وفيه جراحات، فإنه يغسل الصحيح ولا يتيمم، بل يمسح

على الجبائر، وإن كان أكثر بدنه جريحاً فإنه يتيمم فقط ولا يغسل

الصحيح، وقط ما نُقِلَ عن أصحابنا أنهم جمعوا بين الماء والتراب.

والجواب عما في الحديث: أنه- عليه السلام- ما أمر أن يُجمع بين

الغسل والتيمم؛ وإنما بين أن الجنب المَجروح له أن يتيممِ ويمسح على

الجراحة ويغسل سائر جسده، فيحمل قوله: " يتيممُ " و " يمسح " على

ما إذا كان كثر بدنه جريحاً، ويحمل قوله: " ويغسل سائر جسده " إذا

كان كثر بدنه صحيحاً، ويمسح على الجراحة، على أن الحديث معلول؛

لأن فيه الزبير بن خُريق. قال الدارقطني: ليس بقوي. وقال البيهقي:

ليس هذا الحديث بالقوي

٣٢١- ص- حدَّثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال: نا محمد بن شعيب

قال: أخبرني الأوزاعي، أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح، أنه سمع عبد الله

ابن عباس قال: أصاب رجلاَ جُرح في عَهد رسول الله، ثم احتلَمَ، فأمِرَ

بالاغتسال، فاغتسلَ فماتَ، فبلَغَ ذلك رسولً الله فقالَ: قَتلوه قَتَلَهُمُ اللهُ، الم

يكن شِفَا/العِيَ السُؤالُ "؟ (٣) .


(١) في الأصل: " للميت ".
(٢) معالم السنن (١/٨٩) .
(٣) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: في المجروح تصيبه الجنابة (٥٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>