للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش- مالك بن أنس، وسُمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن،

وأبو صالح ذكوان السمان.

قوله: " غُسل الجنابة " منصوب بنزع الخافض، أي، غسلا كغسل

الجنابة في الصفات، هذا هو المشهور. وقيل: المراد غسل الجنابة حقيقةَ،

فلذا قالوا: يستحب له مواقعة زوجته ليكون أغض لبصره، وأسكن

لنفسه. وهذا ضعيف، والصواب ما قدمناه.

قوله: " ثم راح " المراد بالرواح الذهاب أول النهار. وقال مالك:

المراد بالساعات هنا لحظات لطيفة بعد زوال الشمس، وبه قال القاضي

حسين، وإمام الحرمين. والرواح عندهم بعد الزوال، وادَّعوا أن هذا

معناه في اللغة. وقال جماهير العلماء باستحباب التبكير إليها أول النهار،

وبه قال الشافعي، وابن حبيب المالكي، والساعات عندهم من أول

النهار، والرواح يكون أول النهار وآخره. وقال الأزهري: لغة العرب أن

الرواح الذهاب، سواء كان أول النهار وآخره أو في الليل. وهذا هو

الصواب الذي يقتضيه الحديث والمعنى؛ لأن النبي- عليه السلام- أخبر

أن اللائكة تكتب من جاء في الساعة الأولى، وهو كالمُهدِي بدنة، ثم

من جاء في الساعة الثانية، ثم في الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة،

وفي رواية النسائي: " السادسة "، فإذا خرج الإمام طووا الصحف ولم

يكتبوا بعد ذلك/واحداَ، ومعلوم أن النبي- عليه السلام- كان يخرج

إلى الجمعة متصلاَ بالزوال؛ وهو بعد انقضاء الساعة السادسة؛ فدل على

أنه لا شيء من الهدي، والفضيلة لمن جاء بعد الزوال، ولاشك ذكر

الساعات إنما كان للحث على التبكير إليها، والترغيب في فضيلة السبق،

وتحصيل الصف الأول وانتظارها، والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه،

وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال، ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال؛

لأن النداء يكون حينئذ، ويحرم التخلف بعد النداء.


الجمعة، باب: ما جاء في التبكير إلى الجمعة (٣/٩٧) ، ابن ماجه: كتاب
إقامة الصلاة والسنَة فيها، باب: ما جاء في التهجير إلى الجمعة (١٠٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>