للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وهذا لفظ ابن عَبدة- قال: أنا سفيان، عن الزهري، عن سَعيد، عن

أبي هريرة: أن أعرابيا دخلَ المسجدَ ورسولُ الله- عليه السلام- جَالس

فصلَّى قال ابن عَبدة: ركعتين ثم قال: اللهم ارَحَمنِي ومحمداً ولا تَرحم

معنا أحداً. فقال النبيُ- عليه السلام-: " لقد تَحَجَّرتَ وَاسعاً "، ثم لم

يَلبث أن بَالَ في نَاحية المسجدِ، فأسرِعَ الناسُ إليه، فنهاهمِ النبيُّ- عليه

السلام- وقال: " إنمَا بُعثتُم مُيَسَرِين، ولم تُبعَثُوا مُعسَرِين، صُبُوا عليه

سَجلاً من ماءٍ " أو قال: " ذَنُوباً من مَاءٍ " (١) .

ش- ابن عَبدة: هو أحمد بن عَبدة، وسعيد: ابن المسيّب.

قوله: " أن أعرابيا " الأعرابي: الذي يَسكنُ البادية، وهو منسوب إلى

الأعراب ساكني البادية من العَرب، الذين لا يقيمون في الأمصار، ولا

يدخلونها إلا لحاجة، والعَربُ اسَم لهذا الجيل المعروف من الناس، ولا

واحد له من لفظه "، وسواء أقام بالبادية أو المُدن؛ والنسبة إليه عربيّ بَيّن

العُروبَة. وقال الجوهري: العربُ جيل من الناس، والنسبة إليهم:

عربي، وهم أهل الأمصار، والأعراب منهم: سكّان البادية خاصة،

والنسبة إلى الأعراب: أعرابي؛ لأنه لا واحد له، وليس الأعرابُ جمعاً

لعَرب كما أن الأنباط جمع (٢) لنبط، وإنما العرب اسم جنس، والعرب

العاربة هم الخُلَّصُ منهم، واخذَ من لفظه فأكد به كقولك: ليلٌ أليل،

وربما قالوا: العربُ العَرباء، وَالعربُ المُستَعربة هم الذين ليسوا بخُلَص،

وكذلك المُتعرّبةُ.

قوله: " قال ابن عبدة " مُعترض بين الفعل بفاعله وبين مفعوله.

قوله: " ومحمدا " أي: ارحم محمداً.

قوله: " لقد تحجّرت واسعاً " أي: ضيقت من رحمة الله ما وسعه،


(١) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في البول يصيب الأرض (١٤٧) ،
النسائي: كاَب السهو، باب: الكلام في الصلاة (٣/١٤) .
(٢) في الأصل: " جمعاً ".

<<  <  ج: ص:  >  >>