للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنعت منها ما أبَاحه؛ وأصل الحجر: المنع، ومنه: حجر السفِيه؛ وهو

منعه من التصرف في ماله. قال ابن الأثير (١) : " أي: ضيقت ما وسعه

الله، وخصصت به نفسك دون غيرك ". وإنما ذكر من باب التفعل إشارة

إلى أنه قد تكلف في هذا الدعاء الذي خصص به نفسه، لأن باب التفعل

للتكلف.

قوله: " أن بال " يجوز أن تكون " أن " مصدرية بمَعنى: " لم يلبَث

بوله " على معنى لم يتعلق بشيءٍ حتى بالَ.

قوله: " سَجلاً " السَّجل- بفتح السين، وسكون الجيم-: الدلو إذا

كان فيه ماء قلّ أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة " سَجلٌ " وهو مذكر؛

والذنوب- بفتح الذال المعجمة، وضم النون-: الدلو العظيمة إذا

كانت مَلأى (٢) ماء، ِ وقد يكون فيها ماء قريب من المِلء؛ ويذكر

ويؤنث، وجمع السجل: سجال، وجمع الذنوب في أدنى العدد:

أًذنِبة، والكثير: ذَنائِبُ. ويستفاد من الحديث فوائد:

الأولى: أن الداعي لا ينبغي أن يخص نفسه بالدعاء،/بل إذا قدم غيره

كان أقرب إلى القبول.

الثانية: فيه الرفق بالجاهل، وتعليم ما يلزمه من غير تعسف ولا إيذاء

إذا لم يأت بالمخالفة استخفافاً أو عناداَ.

الثالثة: فيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما؛ لأنه- عليه

السلام- إنما نهاهم عن القطع عليه لمصلحتين؛ الأولى: أنه لو قطع عليه

بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل، فكان احتمال زيادته أولى من

إيقاع الضرر به، والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد،

فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المَسجد.

الرابعة: فيه إثبات نجاسة بول الآدمي، ولا فرق بين الكبير والصغير.

الخامسة: فيه احترام المسجد وتنزيهه عن الأقذار.


(١) النهاية (١/٣٤٢) .
(٢) في الأصل: " ملأ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>