قصرتُ في غير العصرين من الصلوات الخمس بأن أؤديها بغير الجماعة أو
في وقتها المكروه بسبب الاشتغال بالأعمال؛ فإن التقصير الذي يُوجد في
ذلك بهذه الحيثية رُبما يُجبرُ ويُجزئ عني بمُواظبتي على العَصرين في أوقاتهما
المُستحبة مع الجماعة؛ وليس المعنى: أنه يجزئ عنه إقامتهما عن غيرهما؛
فإن ذلك لا يجزئ إلا عنهما؛ لا عن غيرهما؛ وكذا كل صلاة تؤدى لا
تُجزئ إلا عن تلك الصلاة بعَينها؛ لا عن غيرها، فافهم
وإنما خصّ- عليه السلام- هذين الوقتين؛ لكثرة وقوع الثواني
والكسل فيهما؛ أما الصبح فلأنه عقيب النوم، والقيام من الفراش،
والاشتغال بالماء البارد، ولا سيما في أيام الشتاء، وأما العصر فلأنه في
وقت اشتغال الناس بالبَيع والشراء، والاشتغال بالأعمال، ولا يقوى
أعمال الناس وبَيعُهم وشراؤهم وسائر معاملاتهم إلا في آخر النهار.
قوله: " وما كانت من لغتنا " أي: لُغة إطلاق العَصرين على الصُبح
والعَصر ما كانت من لغتنا، فلذلك قال: " فقلت: ومَا العَصران "؟
فأجاب- عليه السلام- بقوله ت " صلاةٌ " أي: أحدهما: صلاةٌ قبل
طلوع الشمس، وهي صلاة الصبح، والأخرى: صلاة قبلِ غروب
الشمس، وهي صلاة العَصر، والعرب قد تحمل أحد الاسمين على
الآخر، فتجمع بينهما في التسمية طلبا للتخفيف كقولهم: " سنة
العُمَرين " لأبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- والأسودَين: للتمر والماء،
والأصل في العَصرين عند العرب: الليل والنهار. قال حُميد بن ثور.
ولن يَلبث العصران يومٌ وليلةٌ.... إذا طلبا أن يُدركا ما تيمّما
ويُشبه أن يكون إنما قيل لهاتين الصلاتين: العَصران؛ لأنهما يقعان في
طرفي العَصرين؛ وهما الليل والنهار، ويكون هذا من قبيل ذكر المحل
وإرادة الحال. وفي بعض النسخ هذا الحديث مؤخر عن الحديث الذي
يليه، وكذا في نسخة " مختصر السنن " لزكي الدين.
٤١٠- ص- ثنا محمد بن حرب الواسطي: ثنا يزيد بن هارون: أنا