للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقامة الصلوات في أوقاتها، وإلا فالذي يؤديها في ثاني الوقت أو ثالثه أو

رابعه كالذي يُؤديها في أوّله؛ بل الذي يُسفِر بالصُّبح أو يبرِد بالظهر في

الصَيف أفضلُ من الذي يؤديها في أوّل الوَقت.

فإن قيل: كيف التوفيقُ بَين هذا الحديث وبَين قوله- عليه السلام-

حين سُئل: " أفي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله "؟ قلت: دلت

القرينة على أن المراد من قوله: أيُّ الأعمال أفضل أعمال الإيمان؟ أي:

أي أعمال الإيمان أفضل؟ قال: الصلاة، وعلى أن المراد من الحديث

الثاني: أيُ الأعمال التي يدخل بها الرجل في ملة الإسلام؟ قال: " إيمان

بالله " أي: التصديق بقلبه، والإقرار بلسانه (١) ، فعلى هذا يكون الصلاة

لوقتها أفضل الأعمال بَعد الإيمان؛ لأن الإيمان أصل كل عبادة، ولا اعتبار

لجميع العبادات إلا بالإيمان.

وأما الأحاديث التي جعل في بعضها الجهاد أفضل الأعمال، وفي

بعضها: الحج، وفي بعضها: بر الوالدين، وفي بعضها: إطعام الطعام

ونحو ذلك فالتوفيق فيها: أنه لا يُرادُ أن كل واحد منها خير جميع الأشياء

من جميع الوجوه، وفي جميع الأحوال والأشخاص؛ بل في حال دون

حال، ويختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، أو يقدر كلمة " مِن "

ويكون التقديرُ: من أفضل الأعمال: الجهاد، ومن أفضل الأعمال:

الحج، ونحو ذلك فافهم.

ص- قال الخزاعي في حديثه: عن عمة له يقال لها: أم فروة قد بايعت

النبي- عليه السلام- " أن النبيّ- عليه السلَام- سُئِل ".

ش- أي: قال محمد بن عبد الله الخزاعي في روايته الحديث عن عبد الله

ابن عمر، عن القاسم بن غنام، عن عمةٍ له يقال لها أتم فروة،

والحاصل: أنه أشار به إلى الاختلاف الذي ذكرناه في ترجمة القاسم بن


(١) تقدم التعليق على أن الإيمان هو " التصديق بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل
بالأركان " عند أول حديث في كتاب الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>