للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد أن تُصلِي في وقتها المختار لك نافلةٌ؛ لأن الأولى وقعت فرضَا،

فيصير الثاني نفلاَ؛ وهذا مذهب الجمهور في أن الرجل إذا صلى الفرض

مرّنين تكون الأولى فرضَا والثانية نفلاَ؛ لأن صريح الحديث يدل على

هذا. وعن الشافعي أربعة أقوال، الصحيح: كمذهب الجمهور،

والثاني: أن الفرض أكملها، والثالث: كلاهما فرض، والرابع:

الفرض أحدهما- على الإبهام- يَحتسب الله بأيهما شاء. ثم الحديث

بعمومه يتناول هذا الحكم في جميع الصلوات؛ ولكن يُستثنى منها صلاة

الصُّبح والعَصر؛ لورود النهي عن الصلاة بعدهما؛ وهذا عندنا وعند

الشافعي في وجه، وفي الصحيح عنده: أنه لا يفرق بين صلاة وصلاة.

وأما المغرب: فعندنا ينبغي أن يضم إليه ركعةً رابعةَ؛ لأن التنفل بالبُتَيراء

مكروه- كما عُرِف في الفروع.

قوله: " نافلة " مرفوع بالابتداء، وخبره: قوله " لك " والجملة خبر

" إن ".

ويُستفادُ من هذا الحديث فوائد: الأولى: أن الإمام إذا أخر الصلاة عن

وقتها المُستحب يُستحب للمأموم أن يُصليها في وقتها المُستحب منفردا، ثم

يصليها معه إن أدرك فيَجمع بين الفضيلتَين، فإن أراد الاقتصار، فالأفضل

أن يقتصر على فعلها جماعةَ مادام في الوقت، وقيل: الأفضل: أن

يقتصر على فعلها منفردا في الوقت المستحب.

الثانية: فيه الحث على موافقة الأمراء في غير مَعصيةٍ؛ لئلا تتفرق

الكلمة، وتقع الفتنة.

الثالثة: فيه الحث على الصلاة بالجماعة، وأنها أفضل من الانفراد.

الرابعة: فيه الحث على رعاية الوقت المُستحب للصلاة.

الخامسة: فيه ذمّ مَن أخر الصلاة عَن وقتها.

السادسة: فيه شيء من دلائل النبوة؛ حيث أخبر عن الأمراء الذين

يميتون الصلاة، وقد وقع هذا في زمن بني أمية ومَن بعدهم- أيضا- إلى

يَومنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>