للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تستتر المرأة، ولم يقولا هذا القول بطريق الاستهزاء والاستخفاف؛

لأن الصحابة أبرياء من هذا الأمر، وإنما وقع منهما هذا الكلام من غير

قصد، أو وقع بطريق التعجب، أو بطريق الاستفسار عن هذا الفعل،

فلذلك أجاب- عليه السلام- بقْوله: " ألم تعلموا ما لقي صاحبُ بني

إسرائيل؟ "، وهو موسى- عليه السلام-، وإنما لم يصرح باسمه

- عليه السلام- للاشتهار بينهم، أي: الذي لقي من بني إسرائيل أموراً

عظيمة، وهو موسى، وإن كان بعث فيهم أنبياء غيره، ولكن أشهرهم

وأعظمهم موسى- عليه السلام-، أو لأجل تعظيمه- عليه السلام-

كما قال تعالى: (تلك الرُسُلُ فضلنا بعْضهُمْ على بعْض منْهُم من كلم

اللهُ) (١) ، ولم يقل موسى.

قوله: " ما أصابه البول " في محل النصب على أنه مفعول " قطعوا ".

وقوله: " جلد أحدهم " مفعول قائم مقام فاعل " فعُذب " أي: فعذب

الله جلد أحدهم في قبره. والفرق بين الروايتين: أن الجلد أخص من

الجسد، ولكنه مشتمل على جميع الجسد، فبعذابه يعذب الجسد كله.

فإن قلت: كيف يترتب قوله: " فعُذب " على قوله:/ " فنهاهم "؟

قلت: فيه حذف، وتقديره: فنهاهم عن إصابة البول ولم ينتهوا، فعذب

الله، والفاء في قوله: " فعذب " فاء السببية، نحو قوله تعالى:

(فوكزهُ مُوسى فقضى عليْه) (٢) ، وقوله: (فتلقى آدمُ من ربه كلمات

فتاب عليْه) (٣) .ًً

قوله: " عن أبي (٤) وائل " وأبو وائل هذا شقيق بن سلمة الأسدي،

أسد خزيمة، أحد بني مالك بن ثعلبة بن دودان الكوفي، أدرك زمان النبي

- عليه السلام- ولم يره، فروى عن أبي بكر، وسمع عمر بن

الخطاب، وعثمان بن عفان، وعليا، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس،


(١) سورة البقرة: (٢٥٣) .
(٣) سورة البقرة: (٣٧) .
(٢) سورة القصص: (١٥) .
(٤) في الأصل: " ابن " خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>