للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: هو اسم فيكون ما بعده مرفوعا تقديره: أنت مُفدَى بأبي وأمي.

وقيل: هو فعل، وما بعده منصوب. أي: فديتك بأبي وأمي، وحُذف

هذا المقدر تخفيفا لكثرة الاستعمال.

قوله: " فاقتادوا رواحلهم " أي: قادُوها، فقَادَ واقتادَ بمعنىَ واحد،

والرواحل: جمع راحلة؛ وهي الناقة التي تصلح لأن تُرحل؛ وإنما

اقتادوها لما ذكره في الرواية الثانية: " تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم

فيه الغفلة (١) وفي رواية مسلم: " فإن هذا منزل حصرَنا فيه

الشيطانُ ". وفيه دلالة على أن قضاء الفائتة بعذر ليس على الفور؛ وهو

الصحيح؛ ولكن يستحب قضاؤها على الفور. وحكى البغوي وجهاً عن

الشافعي أنه على الفور. وأما الفائتة بلا عُذر فالأصح قضاؤها على

الفور، وقيل: له التأخير- كما في الأول-.

وقال الخطابي (٢) : " وقد اختلف الناس في معنى ذلك وتأويله- أي:

في قوله: " فاقتادوا رواحلهم شيئَا ثم توضأ النبي- عليه السلام- " -

فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لترتفع الشمس فلا تكون صلاتهم في الوقت

المنهي عن الصلاة فيه- وذلك أول ما تَبزغ الشمسُ- قالوا: والفوائت لا

تُقضى في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ".

قلت: هذا مذهب أبي حنيفة؛ ولكن قوله: " حتى إذا ضربتهم

الشمس، يدل على أن الشمس قد ارتفعت كثيرا، فكيف يكون انتقالهم

من ذلك المنزل لارتفاع الشمس؟ ثم الصلاة لا تجوز عند طلوع الشمس

مطلقا سواء كانت فرضَا أو نفلا، أو وتراَ (٣) أو سجدة تلاوة أداء وقضاء.

وقيل: يجوز النفل مع الكراهة، وكذا عند غروبها واستوائها؛ للحديث

المشهور. وقال مالك، والشافعي، وأحمد، والأوزاعي: تقضى

الفوائت في كل وقتِ نهي عن الصلاة فيه أو لم يُنه عنها.


(١) يأتي في الحديث الآتي.
(٢) معالم السن (١/١١٨) .
(٣) في الأصل: " أو ترا "
٢١* شرح منن أبي داوود ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>